اللغة العربية  :: لغة القرآن الكريم

موقع الدكتور / مسعد محمد زياد        رحمة الله
اتصل بنا الكتب السيرة الذاتية الرئيسية

الإهداء

إليها

لحظة حب

رسالة من السجن

لا تنسي بأني ليلة راجع

عودي

الحادي والعشرين من مارس

رسالة إلى حبيب

أهواك

تذكري فصل الشتاء

نحن والوطن

صرخة الشهداء

حزيران على أعواد المقصلة

الأرض قبل الحبيبة

لبيك يا قدس

إلى ذات الظفائر

أغنيات العالم والدم

نداء على جبال القدس

هجران

ليلة عاصفة

فقلبي رهينك لو تشفقي

 

ديوان

أغنيات العالم والدم

 

 

 

الإهــــــداء

 

 

إلى زوجتي الغالية . . .

 

تحية وفاء ومحبة

 

أهدي إليك عرائس شعري أغاريد

 

أفراح وأغاني حب خالدة . . ,

 

 

                    زوجك

                            مسعد

البداية

 

 إليهــا

 

 وفي عمقي ..

 جذور الشوقِ

 تمتدُ ...

 تطوقني ..

 تعانقني .. ،

 ولا حدُّ .

 بأغصان الهوى العذري .

 في صبحي .. ،

 وفي ليلي ..

 تظللني ..

 فيعصر مهجتي الوجدُ ..

      *   *   *

 إليها ..

  كم طويتُ العمرَ ...

 يضنيني بها الصدُ ..

 وأنقشُ ..

 فوق وجه الصبحِ ..

 رغم البعدِ ..

 تحناني ...

 ولي عوْدُ ...

 وأرقب في عيون الليلِ ...

 أحلامي ..

 متى تبدو ..

 وايم الله ... ،

 ما يوم عشقت العشقَ ... ،

 والأحلامَ ..

 إلا في هوى بلدي ..

 أعيش لها ...

 وفي نفسي ..

 جراحات تمزقني ... ،

 تعذبني ... ،

 ولا أدري ..

 متى الأيام تجمعنا ...

 مع الأحبابِ ...

 مع ولدي ... ،

 ومع أمي ... ،

 وإخواني بلا قيدِ

 مع السمار في قدسي ..

 وفي يافا ..

 وفي حيفا ..

 وفي كل الحقول الخضرِ ..

 في بحري .. ،

 وفي بري ..

 إليها بعض أشعاري ..

 حروفا من بقايا العمرِ ..

 أحفرها على صدري .. ،

 لتبقى في عيون الصمت .. ،

 ألحانا ...

 نرددها مدى الدهرِ ..

 إلى أمي ...

 إلى وطني .. " فلسطينا " .

جــــدة 24 ـ 1 ـ 86 م

البداية

 

لحظـة حــب

 ولحظة حبِ ..

 دعتني أفكرْ ...

  أجول بعقلي .. ،

 أحرك قلبي ..

 فكانت لروحي ...

 وردة عنبرْ ..

 ولست بهذا ..

 فأنت لعيني ...

  كنجمة ليلٍ ... ،

 وماء لقلبي ... ،

 وشهد .. وسكرْ .. ،

ولست بهذا ..  

 فلا الماءُ ...

 يروي ..

 ولا العيشُ ..

 يغني .. ،

 ولا الحب ينمو ..

 بغيرك أكثرْ ..

 ألا تعلمين بأن الحياةَ ..

 بدونك تغدو ..

 خرابا .. دمارْ ..

 فلول جيوشٍ ... ،

 تولي ... وعسكرْ ..

 إذا لم ترقِّ ..

 إذا لم تقولي ..

 سلام عليكَ ..

 ولو نصف مرةْ .. !!

 ولو تمتماتٌ ..

 فيكبر عمري ...

 قرونا .. ، وأكثرْ ..

 سأكتب تلك الحروفَ ... ،

 وأسكرْ ...  

 على طيف طيفٍ ..

 على خصلةٍ ..

 من حرير تهفهفُ ..

 فوق الجبين الجميلِ ...

 المصورْ ...

على وجنتينِ ..

 كتفاح زحلةْ ..

 كرمان حيفا ..

 وليست ثمار الخدودِ  تقدّر.

 أليست عيونكِ ...

 سحرا ونورا ... ؟

 وأفلاك ليلٍ ..

 ووحيا مقدرْ ..

 أليست شفاهكِ ...

عطرا مذابا ... ؟

 كتلج الشمالِ ...

 كماء الحجازِ ...

 كخمر العراقِ ..

 دعيني لأسكرْ ... 

 دعيني أغني ..

 بحبك ليلا .. ،

 وأصبح أرقبُ ..

 وجهك أكثرْ ..

 فقلبك روضة عاشق وردٍ..

 يقلب بين الورودِ ..

 وينظرْ ..

 فيحصد وردا ... ،

 ويجمع ودا .. ،

 ويغرس حبا ...

 مع الفجر يزهرْ ..  

 ولست بهذا ..

 فأنت لقلبي  ...

 رسول جليلٌ ... ،

 ولولا وجود الإلهِ ..

 لقلتُ .. 

 بأنّك عندي ...

 إله وأكثرْ .. !!

     الإسكندرية 1966

البداية

 

رسالة من السجن

 

 إلى أمي ... ،

 أزف تحية العودةْ ..

 إلى بيتي ..

 إلى أهلي ..

 إلى الديوان والقهوةْ ...

 إلى البستانِ .. ،

 والأحباب .. والسهرةْ ..

 إلى طفلي ..

 إلى كرمي ..

 إلى عبلةْ ..

 إليكم إنني قادمْ ..

 وخلفي السجن مملوءٌ ..

 به الأيتامُ ..

 والأطفال يا أماهْ ..

 به السجان .. والحاكمْ ..

 به الأصفاد مُحكمةً ...

 على أيدي أعزتنا ..

 كأن سوار من ماتوا ..

 غدا رهنا إلى السجنِ ..

 فلا خوفا .. بني وطني ... ،

 ولا وجلا من السقمِ ..

 فنحن نصدع الأركانَ ...

 بالبارود .. والحممِ .. ،

 ونكتب أجمل الأشعارِ ..

 ننحتها من الألمِ ..

 بلى إني ...

 إليكم يا بني وطني ...

 إليكم ...

 إنني قادمْ .. ،

 فعدوا القهوة المرةْ ... ،

 وهاتوا الحُلو .. والريحانَ ..

 في الأفراح والغنوةْ ...

  ذروا النومَ .. ،

 وهبوا يا بني وطني .. ،

 وهاتوا الفأسَ ... ،

 والمحراث .. والمنجل ْ ..

 لنبعث دورة الزمنِ ..

 نعيد الحلم كالأيامِ ... ،

 نحيى صوت من ماتوا ..

 ومن قتلوا ...

 فداء للغد المنشودِ ...

 والوطنِ ..

 تعالوا يا بني وطني ..

 وهاتوا الفأسَ ...

 والمحراث .. والمنجلْ ..

 لنكسر سجن أعدائي .. ،

 ونحرث أرضنا البكرَ .. ،

 ونزرع صوت أبنائي ...

 لينمو فوقها الأطفالُ ...

 في حيفا .. ،

 وفي يافا .. ،

 وفي القدسِ .. ،

 ويورق فيهم الريحانُ ... ،

 والرمان .. والقمح ..

 فلن نقهرْ ...

 ولن نقهرْ .. ،

 وفيها نزرع التفاحَ ..

 إن شئنا .. ،

 وفيها نزرع الحنظلْ ..

 وفيها نجعل الأشواكَ ..

 ريحانا .. ،

 ونجمعها بأعيننا .. ،  

 ونرويها بكل الحبِ ... يا وطني ..

 وفيها نزرع الأشعار ...

 بارودا ... ، وألغاما .. ،

 وفيها نحمل المشعلْ ..

 ليغدو سجن أعدائي ..

 حدائق في ربي المجدلْ ..

 ولم نخضع لحكمهم ... ،

 ولن نرضي بشرعهمُ ... ،

 ولن نقبلْ .. !!!

       الإسكندرية 1967

البداية

 

    لا تنسي بأني ليلة راجع

 عيناك يا حبيبتي ... ،

 والبحر توأمانْ .. ،

 وغابة الزيتون تملأها الطيورْ .. ،

 وفي المنفى بقايانا ... ،

 ورغم الخوف والحرمانِ ..

 في عينيَّ لقيانا ... ،

 وشعرك ليلنا الدامسْ ..

 سأعشقه ولا عجبا !!

 إذا ما بتُّ في ليلي ...

 أناجي زهرة الليمونِ ... ،

 من أجل العيون الخضر .. في بلدي ..

        *    *    *

 سأعشق منك عينيكِ ... ،

 وكل بحارنا الملأى ..

 بماء مثل عينيكِ .. !

 سأعشق منك خديكِ ... ،

 وكل حدائق التفاح أعشقها ... ،

 وأعشق عطرها الفتانَ ..

 إن شئتِ ...

      *    *    *

 سأعشق فيك أنفاسا ..

 تهب على محيانا ..

  كنسمة فجرنا النشوانِ ...

 في صبح المحبينا ... ،

 وأعشق طبعك الشرقيَّ ..

 في قلبي .. ؛

 لأنك من فلسطينا ...

     *    *    *

 سأعشق منك ملقاكِ ... ؛

 إذا جئتِ إلى المنفى .. ،

 وخلفي ألف مقصلةٍ ... ،

 وهذا الحارس الولهانُ ...

 يعشق باب منفانا ..

 كأن حبيبة السجان .. ؛

 قد قُتلتْ ..

 بذاك الباب في السجنِ ..

     *    *    *

 تعالي مرة عندي .. ،

 وهاتي معك " منديلكْ " ..

 لأنقش في ثناياه .. ؛

 غدا ألقاك عند البابِ ..

 في الفجرِ ... ،

 وعين الحارس الوسنانِ ..

 تدميها سياط الليل .. والغدرِ .

     *    *    *

 تعالي موعد الإشراقِ ...

 إن شئتِ .. 

 فعند الباب ألقاكِ ..

 لأن كلاب سجاني ...

 تنام بحانة المشروبِ ..

 سكري .. في زواياها .. ؛

 وفي عمقي هوى حبي ..

 أما جئتِ ... أما جئتِ

    *    *    *  

 ولا تنسيْ ..

 بأني ليلة راجعْ ...

  إلى بيتي .. ،

 إلى شباكه المعهود في نفسي ..

 إلى الشمس التي كانتْ ... ،

 وما زالتْ ..

 تقبله لدى عرسي ... ،

 ولا تنسيْ ..

 بأني ليلة راجعْ ...

 إلى عهدي ..

 إلى حبي ..

 إلى أرض تحيينا ...

 ولا تنسيْ ...

 بأني ليلة راجعْ ..

 إلى طفلي .. ،

 إلى أميّ ..

 إلى أرضي فلسطينا .  

    عمــّان   1970

البداية

 

         عــــودي

 

 عـودي إلى عهد الطفولة . . عـودي

 عـودي إلى مهد الغــرام  وسـودي

 أنت التي ما عشـت يومي بدونـــها

 إلا رشفــت . . . كآبــة المنكــود

 أنت التي . . . ما كنت أعشق غيJرها

 إلا لأنك . .. في الوجـود وجـــودي

          *    *    *

 عــودي . . .  وردي للحياة نعيمهـا

 واستبدلي مــرّ العذاب . . . بجــود

 عــودي . . . فقلبي لا يزال ممـزقا

 ما بين ماض . . . تلعنيــه شــريد

 أو حاضر . . . يزهــو بأيام الصِّبـا

 هيمان . . . تشجيه الحسان بعـــود

 لولاك . . . يا من في الفؤاد لطيفهــا

 وهج الشموس . . . على جباه الغيــد

 لتركت نفسي . . . والحياة لبعتهـــا

 في سوق حبك . . . أدمعا لتعـــودي

            *    *    * 

 ما عشت أيامي بحبك . . . عابـــدا

 إلا رشفت . . . حـلاوة المعبـــود

 طهـري وطهرك . . . قد تعطر بالهدى

 ومشاعل الرحمن . . . سـر خلــودي

 يا أخت قلبي . . . هــل يُضَنُّ بوصلنا

 يوم اللقـاء ... على ربــوع البيــد

 أَوَ تبخلين ... إذا أتيتك حامـــــلا

 حبيّ الكبير . . . ليومنا المنشـــود

     الإسكندرية  1968

البداية

 

 الحادي والعشرين من مارس

 

 في اليوم الحادي والعشرينْ ..

 بشرى للنصر الدامي

 في أرض الأحرار القدسيةْ

 بشرى للفتح الثوري .. ؛

 ليعيد القتلى الأحياءْ ..

 أشلاء القدس العربيةْ

 أزهارا تضحك في حطينْ ... ،

 وتموت الكلمات الجوفاءْ .

     *    *    *

 موتى يا كلمة شعري

 لا أقبل أن أكتب شعرا ... ،

 أو أفتح كشكول الورق المتعفنَ ..

 في " درج " المكتب ... ،

 أو يملأ قلمي حبرا

 وا خجلاه .. !

 أنكدس أنفسنا في الجدرانْ .. ؟

 كي نرسم ألفاظا عمياءْ ... ،

 أو نصنع بالقلم مقالا .. ،

ونقول بأنّا في يومٍ ..

 سنعيد الحق المسلوبْ ... ،

 وتقوم الأجساد الملقاةْ

 في بطن الأرض الجرداءْ

 كي ترفع أعلام النصرْ

     *    *    *

 كلا ...

 لن أقبل أن أكتب شعرا .. ،

 وأخي يكتب بالرشاشْ

 قد أضحى قلمي سكينا .. ،

 ولأجعل من ورقي أكفانا .. ،

 ولأصنع من عيني محبرةً ..

 لسنان الرمح المسنونْ .

    *    *    *

 قلمي سكين مسلولْ

 لا يكتب إلا في الأهوالْ

 إن هبت عاصفة الأبطال ... ؛

 لتحيل الأوراق الصفراءْ

 أشلاء في بطن الوادي ... ،

 وتحيل الورق المتعفن  ..

 في بطن الكتب السوداء ْ

 إكليلا من نصر أحمرْ . 

    *    *    *

 في هذا أكتب أشعاري ..

 لتكون نشيد الأحياء ... ،

 ويعود السكين الدامي 

 من جثث الأجساد الحمقى

 أغصانا ترقص في تشرينْ .. ،

 وتعود الأوراق الصفراءْ

 أزهى مما في إبريل ..

 لتحيي أرواح الشهداءْ

 في اليوم الحادي والعشرينْ

 من شهرك يا مارس .. ذكرى

 سجلها سكيني الأحمر

 

      الإسكندرية 1969

البداية

 

      رسالة إلى حبيب

 

     بدمع مــن العين ... لم يجمــد

   بقطــر من المزن . . . لم ينضد

   بدمع من القلب . . . لم يسكــب

    سأرسم طيفك . . . في معبــدي

   وأنقش رسمك. . . في خاطــري

    كرسم تجســد . . . في مرقــد

            *   *   *

   منحتـك نفسي . . . منــذ التقينا

    ولكـن نفسك . . . لـم تهتـــد

    وهبتك شعــري . . . كلحن تردد

    في البيت حينا . . وفى المشهــد

            *   *   *

    فهل تعرضين . . .  إذا اليوم جئت

   كنـور يشع . ..  بلا فرقــــد

    وهـل تقطعين وصال المحـب . ؟

    لحلم تحقــق . . . كالمولـــد

    سألتك ربّــي . . . فلا تنكـريني

    إذا اليــوم ولّى . . . غدا موعدي

             *   *   *  

    سآتي إليك . . . كــورد تفتــح

    في ظل غيث . . . بلا أرعــد ..

    سآتي إليك . . . أرش العبيـر . .

   على الثوب . . . أغلى من العسجد

   دعينــي . . . أقبّـل ذاك الجبين

   وأسند رأسي . . . على مسنــدي

           *   *   *

    دعينـي . . . ألملم هذي الخصـال

   كليل . . . يضــل به مهتـــد

    وأرشف . . . من وجنتيك الخمـور

    كؤوسا . . . كؤوسا . . . ولم أجهد

    وأرقـب فـي مقلتيك . . . الخيال

    حـريقا تلظّى . . . ولم يخمـــد

           *    *    *

    أما لــو أتيتِ . . . نعــدّ الحياة

    فإن حياتي . . . هنا تبتــدي . . !

    هنا يا ملاكي . . .  تكـون السعادة

    أشهى . . . وأكبر . . . من مخلدي

   تعالي هنا . . . يا ملاكي العزيـز

    نعــد الطعام ..  . بلا موقـــد  

             *   *   *  

    تعالي . . . لنترك هـذا المــكان

    إلى عالم الكون . . . كي نرتــدي

    ثياب الشباب . . . إلى موعـــد

    لترقص معْنا . . . نجــوم الغـد

    فشدي الرحال . . . إلـى منــزل

   يضئ الجبال . . . ولــم يعهــد

              *   *   *

   هناك شبيهك . . . بين الهضــاب

    مهـاة تحـور . . . بلا أســـود

    فكحلك أنت . . . رموش الجفـون

    توشّي العيون . . . كوشم اليـــد

                 *   *   *

   وثغــرك أوحى إلىّ . . . الخيال

    كزهر يفيض . . . رضابا نَـــدي

    ولؤلؤ تغرك . . أزهــى العيـون

    بريقا يشع . . . بقـلب صـــدي

   وصدر تموج . . . عليه الثمــار

    كغصن يميل . . .  بريح هـــدي

     ونهدان . . . لولا حياء الشعـــور

    لكنت سبيـّا . . . لهــا مفتـــدِ

             *   *   *

   وأتـرك دنيا الظــلام . . . لأحيا

     على نور وجهك . . . كالمرشــد  

   فدعك ملامـي . . . ولا جحديني

    إذا العمــر يبقى . . . فلم أجحـد

    أنا مسعد . . . يا رفيق الفــؤاد .!

    فلا تحرمي . . . القلب من مسعـدِ

 

         الإسكندرية  1967

البداية

             

        أهـــواك

 

 عينــاك ورد . . . وما أبهى محيـاك

  يا طلعـة البدر . . . فـي جنبيّ مأواك

 غاب الهــلال . . . وها أنت مكللــة 

  روح الفـؤاد .. . بنجم من محيــاك

  عشقــت طيفك . . . مـذ كنا تلاقينا

  وما عشقتك ... إلا من مســــمّاك

 " عفيفة " الروح . . في أسمى معانيها

 ومن لمثلك اســــم . . . فيه معناك

                 *   *   *  

 " العين " منـه عيون بالهـوى ملئت

  تــروى الفؤاد وتُسقى الحــبَ دنياك

 " والفاء " أمي " فلسطين " التي فيها

 يحلـــو اللقاء . .  فهلاّ كان ملقـاك

 " والياء " . .  . يوم هنائي فى خمائلنا

   والـــورد يعبق طيبا ... من ثناياك

 " والفـاء " منه فؤاد .. قد أفاض جوىً

   شوقا إلىّ ... فهذا القلـب ناجـــاك

 " والهاء " هبّي لدى الأفراح .. راقصة

   نشوى من الحب .. تروي غل هجراك

              *   *   *  

  أهـــواك مهما تغيبي عن نواظــرنا

  أهـــواك مهما سيمسي منّي منــآك

  أهــــوى قوامك ممشــوقا فيملكني

  منـــك التأوه .. . نارا في حنايــاك

 عشقــت عينيك . . . مسبيـّا بلحظهما

 والجفن يوســن . . . قد غطاه رمشاك

 عشقت أنفاســـك الحرّى .. فأسكرني

 منها الرضـاب . . . فأدْني منّي مسقاك

 عشقــت نهديك .. مفتونا بسحــرهما

 واهٍ لقلبــي ... قـد أفنــاه نهــداك

          *   *   *  

  لكــنْ . . . سيبقــى وفيّا فى محبتكم

 ولن يعيش بدنيا . . . غيــر دنيــاك

 وتلك روحــي .. إذا ما شئــت تنبئكم

 عنــد الممات . . . بأنّي جِــدُّ أهواك

 ما زلت أهوى ورودا . . . فـي رياضكُمُ

 أنّى ضحكن . . يحاكي القلبَ لحظــاك !

 وإن بكين . . . فمنــها نروي غلتنــا

  كما سيُروَى . . . مـع النهدين خــداك

         *   *   *

  طـــال انتظاري . . . تواقا لبسمتكـم

  من ثغرك العذب . . . حين يكون نجواك 

 ورضاب ثغرك . . . ممــزوجا بأنفاس

 طيـب تضـوع . . . أنشانا وأنشــاك

 يكفى الوداع . . . فقلبي لم يزل يرنــو

 صوب الطريق . . . عسى يحظى برؤياك

 هــذا فؤادي . . . أسيـر في شراككـم

 يكفيه منك . . . إذا ما غبت سلـــواك

 أما العيـــون . . . ستبكـي كل أمسية

 شــوقا إليك . . . إلى يوم ستلقـــاك

 

        الرياض   1971

البداية

                  

     تذكري فصل الشتاء

 

  قد أتى فصل الشتاء ... يا حبيبتي

 وتفرقنا على وجه السنينْ ..

  قد أتى صيفٌ .. وقد جاء خريفْ .. ،

  والورد يا حبيبتي ..

 ممزقٌ ... مبعثرُ .. !!

 يداس كالرقيقْ ..

 الورد يا حبيبتي

 كالشوك في العيونْ .. !!

 كالطفل في السجونْ .. !!

 ممزق الرداءْ ..

 معذب كالرغيفْ .. !

     *   *   *

 الماء والطعامْ

 مكبل اليدينْ ... ،

 والعشب ... يا حبيبتي

 يموت في الربيعْ ..

 يئن كالجياعْ .. !

 وغابة الزيتونْ

 تصارع الضياعْ ... ؛

 لأن في الخريفْ ..

 يسقط القناعْ .

   *   *   *  

 لا تنفري يا حبيبتي

 إن جئت من أرض بعيدهْ ..

 من متاهات الذهولْ ... ،

 وفى الصدر جراحْ

 إنها أرضى الوليدةْ ..

 إنها سر الدخولْ

       *   *   *

 جئت من خلف التلالْ

 والشمس لو تعلمينْ

 لا أريد أن أقول ..

 لكنها الحقيقةْ

    *   *   * 

 لم تعد تشرق شمسٌ

 آهِ ... يا حبيبتي

 لقد مات القمرْ ... !

 مات والشمس معا ... ،

 واليوم قد أتيتْ

 فأنا لست جبانا ... ،

 وأنا لست بشاعرْ

 ولكنّي أغني ..

 لليتامى في السجونْ

 للذي يحمل فأسا أو عزيمةْ

 للزهور اليانعات في أرض الهزيمةْ

 وأغنى للحقولْ ..

 للخراف البيض في جوف الخميلةْ .. ،

 وأغني للثكالى

 للتي تحملُ ...

 في تجاويف الليالي ..

 مشعل النصر في فجر الأملْ .. ،

 والليل قد أمسى حزينا

 مسدلا ثوب الحدادْ

 ماتت الشمسُ ... ،

 وقد مات القمرْ ... ! 

     *   *   *

 فانشدي ما شئت مثلي

 من قصائدنا الحزينةْ ... ، 

 واندبي مع كل صبحٍ

 كل غصن في الخميلةْ

 فأنا لست جبانا  ... ،

 وأنا لست بشاعرْ

 رغم أني قد أتيتْ ..

 من بلاد الطين

 جئتك في سفينةْ

 من بلاد الفقرِ ... ،

 والبؤس اللعينةْ

 قد أتيتك في المساءْ

 أحمل السيف ونايي وقلمْ

 أحمل الشوق المفدى  

 وعناء الشوق يقتلني ... ،

 ولكنْ ..

 سأقاوم ... سأقاومْ .

      *   *   *

 فأنا لست وحيدا ... ،

 ومعي نايي وخنجرْ ... ،

 وخرافي لن تنامْ ..

 فغدا يأتي الشتاءْ .. ،

 وغدا يأتي الشتاءْ

     *   *   *

 لا تخافي إن سهرت الليلَ ..

 من أجل الخرافْ

 لا تخوني إن طويت العمرَ ..

 في منفى الحياةْ

 لا تنامي إن غفوت اليومَ ..

 في جوف الضياعْ ... ،

 أو تبوحي عن حياةٍ ..

 قد زرعناها سويا

 فالوطن أمّي وأمّكْ .

 الأردن  1970  

البداية

 

     نحن والوطن

السيل يا حبيبتي ..

 تجريه حبـّاة المطرْ

والليل يا رفيقتي ..

تجليه بارقة القمرْ

 والزهر في حقولنا .. 

يُروى بحبنا الأغرْ

 وأنا .. وأنت .. والوطن

 هذي الأقانيم معا  

 لا بد أن تنمو .. غداً

 في  سفح قلبينا .. إذاً

 لا بد أن نحمي الوطن ..

 لا بد أن نحمي الوطن .. !!

 

 الأردن 1969 م

البداية

 

صرخة الشهداء

 

لا تجزعي يا أم  إن سقط الشهيد على الشهيد مسربــلا

لا تجزعي يا أخت إن صرخ الجريح من الطـعان مهللا

وطني العزيز أبيت دوما أنحني .. وأعيش عمري خاملا

سأحطـم القيـد الذي سامني مـرَّ العــذاب .. ونكَّـلا

سأبدل الأصفاد يا وطني العزيز .. عزيمة .. ومناجـلا

لا تجزعي يا أم .. إن ساقوا الأبيّ إلى السجون مكبَّــلا

*   *   *

والسوط ألهب جسمه .. وجراحه نزفت نجيعا أحمرا

والطفل أبكاه الذي لولا الكرامة  . . ما بكى وتكدرا

فجرت دموع البائسين النازحين النائمين على الثرى

كالنهر فوق ترابك الذهبي دمعا يا بلادي قد جرى

فسقى الخمائل في فلسطين الأبية .. فاستحالت عنبرا

لبيك إني يا أخي .. كالمارد الجبار . . جئتك ثائرا

*   *    *

بلدي ومهد طفولتي . .. وشبابي البطل الذي حمل العذاب

كم نكلوا في القدس بالأحرار كم زرعوا الخناجر في الرقاب

كم رملوا كم يتموا كم جزروا كي يخمدوا صوت الشباب !

ثكلى هناك . . تنوح طفليها اللذين تواريا . . تحت التراب

ثكلى تئن .. تمزقت أحشاؤها وهوى الجمال .. مع الحجاب

لكن أقول ورددوا يا أخوتي . .  لا لن نهاب .. ولن نهاب

*   *    *

تا لله يا أماه .. لا تبكى إذا سقط الشهيد .. مع السلاح

فالأرض خلد دائم ... وجراحه ذكرى الفداء مع الكفاح

لا تذرفي الدمع البريء وقد غدا دررا تنير مع الصباح

أنا ذاهب .. أنا ذاهب وغدي سيشرق ناظرا فلم النواح

سأعود يا أماه من تحت التراب .. ولن تطوعني الرياح

سأعود طودا شامخا .. لا أستكين ولن تعذبني الجراح

*    *    * 

سأعود فجرا باسما . . ونسائما تسري على وطني الحبيب

سأعود بالنصر الكبير مشاعلا  لتنير هاتيك الـــدروب

سأعود للوطن الأبيّ محطما صرح المخاوف والخطـوب

وليهتف الشعب الكريم مرددا ... ملء الحناجر والقلـوب

فليبــق للشعـب الوطن ... فليحي  للشعـب الوطـن

      وتـــدوم للوطـــن الشــعوب

*    *    *

                              الإسكندرية 1968 م

البداية

 

حزيران على أعواد المقصلة

 

اليوم يعود حزيرانْ . ،

والعام تحدوه الأحزانْ ..

العالم أثقل بالأحمالْ ..

كصغير أهرمه الدهرْ .. ،

أحناه ...

أوجعه القدر المؤلمُ ..

في زهر العمرْ ...

كلا ..

لن يبلغ إلا العامْ .. ،

في أرض داستها الأقدامْ .. ،

أقزام العالم قد هتكت ستر الإنسانْ ..

شرذمة تلعب بالنيرانْ .. ،

تحسب أن العالم نائمْ ..

أو ملقى في جوف الأرضْ ..،

يلبس أكفان حزيرانْ .

            *   *   *

لا ... ،

لكن الأجل يؤخرْ .. ،

والساعة تحمل إنباء الموتْ ..

حينئذ ... ،

أجراس الموت تدقْ ..

تنعب كالغربان الحمقى ..

كالريح الحبلى بالأهوالْ .. !

في سجن أعراه الدهرْ ...

أعواد تبدو كالأشباحْ ..

لا يلبث أن يخفيها الليلْ ..

أو تلبس أثواب النسيانْ .. ،

وبذاك يؤول الشرك المظلمُ ..

أجسادا تحضنها الصحراءْ ..

نجمعها في ليلة بردْ ...

كي ندفئ أطفال العالمْ .

         *    *    *

بالأمس حزيران قد ماتْ !!!

علق في مقصلة الباطلْ ..

أعواد جاءت من " أمريكا " ...

وحبال صنعت في " لندنْ " ..

لكن الجلاد " يهودي " !!

          *    *    *

ويمر حزيران قاسٍ ...

ينبئ عن صيف حارْ ..

أنفاس الصيف المحرقِ ... ،

قد قتلت ثلثي العالمْ !!

ومياه البحر الأبيضِ ...

قد عادت في لون الزيتْ .. ،

والسمك الموثق بالأغلالْ ..

في بطن الصخر الواجفِ .. ،

لم يفتأ أن يصنع ثورةْ ..

يبني مملكة حرةْ ..

في وجه الأقزام الحمقى

       *    *    *

والعالم أنهكه الحرْ !!!

يلهث كالثعبان الظامئْ .. ،

في ركن من أركان " العوسجْ " ..

لا يقوى أن يخطو قدما .. ،

والفأر الماكر أثمله الخمرْ ...

في مرأى من نطر الثعبانْ .

       *    *    *

ما كان حزيران مؤلمْ .. ،

أو ذاك حزيران قاسٍ ..

قد ولى عشرون حزيرانْ ... ،

والعالم يلهوْ

يثقله النومْ

يجرع من قارورة خمرْ ..

يرشف من كأس السم الزمني ..

عشرون حزيراناً قد ماتتْ !!

والعالم في مشرحة الموتْ ..

جسدا هامدْ ..

لا ينبض بالنفس المؤلمْ .. ،

أو يقوى أن ينهض ساعةْ ..

كي يلبس أثواب الحزنْ .. ،

أو يدفن مع شهر حزيرانْ .

      *    *    *

عشرون حزيرانا ..

قد لبست أثواب الحزنْ ... ،

والطفل تخطى العشرينْ ..

ملقىً في أغلال البؤسْ ..

مسجىً في أصفاد القسوةْ .. ،

تربطه سلاسل من " تشرينْ ".. ،

في جزع من شجرة " تينْ " ..

قد غرست في شهر حزيرانْ .

     *    *    *

لكنْ ...

طوبى للطفل الموثوقْ .. ،

لا يأكل إلا ورق التينْ ..

لا يلبس غير رداء الشمسْ ..

لا يشرب إلا ماء الحزنْ ... ،

من عرق يغتسل الجسمْ .. ،

أو دمّا تنزفه الساق المغلولةُ ...

في جزع الشجرةْ .

    *    *    *

قسماً ..

قسما سيجيء حزيرانْ ... ،

 والطفل المحكم بالأغلالْ ..

يقطع بالعزم الملهبْ ..

سلسلة القيد الملعونْ ...

ليخلص أشجار التينْ ..

من ريح تزأر في تشرينْ ... ،

ويعيد الحق المسلوبْ ..

في يوم من شهر حزيران .

     *    *    *

                             الإسكندرية 1968

البداية

 

الأرض قبل الحبيبة

 

وبعدما هبت الريحُ ... 

في حقول القمح يا ولدي .. ،

وبعد ما أصيب الحقلُ ...

بالصدأ الملوث بالغبارْ .. !

وبعدما تلونت وجوهنا ..

من حرارة الشمس والهوانْ ... ،

وبعدما ... وبعدما ..

نزحت يا رفيقنا ... ،

مع بعض جيران لنا .. ، 

ووالدي وأخوتي ... ،

وبيتنا .. وكرمتي .. ،

وكل من نهوى .. هناكْ ..

ثابتون .. راسخونْ ..

كالجذور ضاربونْ ..

يزرعون للشعوبْ ...

يحرثون فى الحقولْ ..

للقمح يرقصونْ ..

لله يسجدونْ ..

في صبح كل عيدْ .

     *    *    *

يا صاحبي العزيزْ ...

وحيثما تكون ْ..

في الهند في الصومالْ ..

في الكنغو .. واليابانْ ..

والنمسا .. واليونانْ ... ،

وفي بلاد قاتلينا .. ،

ومن حطموا نايي .. وعودي ..

تلك أخباري إليكْ ..

ساردا بعدى .. وحزني ..

وغربتي .. ووحدتي ،

فقصتي من البدايةْ ..

رواية طويلة ... طويلةْ

فصولها حزينة ... ذليلةْ

حوارها مشوقٌ ..

سطورها هزيلة .. هزيلةْ

وتلك أطراف الروايةْ .

     *   *   *

أرجوك يا صاحبي ..

أرجوك أن تكونْ ... ،

كالطود شاهقا ..

كالجذر ضاربا ..

كالصخر راسخا ..

فلا تذرف الدموعْ

يا صاحبي ..

خرجت ... منذ عشرين عاما ..

خرجتُ .. ذات ليلةٍ .. ،

فكان في بيتي دخيلْ ... ،

وكان جدّي عليلْ ... ،

ونحن أطفال صغارْ ... ،

ووالدي ممزق الرداء ..

ممزق .. ممزق .. ممزقُ .

     *    *    *

كانت المأساة .. يا صاحي ..

فدعني .. ،

ثم أنهيت الروايةْ ... ،

والسر في النهايةْ ...

لم يكن شيئا جديدا ..

فتقرأ الكثير ... أنتْ ..

عن روايات قديمةْ ..

كي ترى لون الحقيقةْ ... ،

أو تعي سرّ القضيةْ .. ،

ففي نهاية الحوار ..

لم تدرك الكلامْ ... ،

أو تفهم الحقيقةْ .. !

فالزيف يا صاحبي ..

طلاء أعدائي المفضلْ .

     *    *    *

ولنترك الحزن جانبا ... ، 

والشجو والبكاء ..

ولنملأ " الغليون " تبغا ... ،

أو نشعل السيجار ..

فالأصدقاء يلعبون ..

بالأرض يعبثون ..

بالناس يهزؤون ... ،

والبعض يلهو بالحبيبةْ !!!

فتلك أطراف القضيةْ ... ،

وتلك مأساتي الشجيةْ .

*    *    *

نزحت عن بيتي وحيدا ..

تركت في الأرض الحبيةْ ...

تركت كرمتي ... ،

تركت إخوتي .. ،

ووالدي .. ومنزلي .. وأمتي ... ،

وكل شيء هناكْ ..

تركت فيها دفاتري ... ،

وكل أقلامي الرصاصْ ..

لم يكن وقتا لدي ...

لأكتب الشعر الشجي

أو أرسم الأشجار في الحقول .. ؛

لأنني مكبلُ ...

محطم معللُ ...

مذ كنت طفلا صغيرا .

     *    *    *

لم يفسحوا المجال .. ؛

كي أملك الكلام ... ،

والقول والسؤال ..

لم يفسحوا المجال .. ؛

كي أطرح النقاش ..

لو مرة .. يا صاحبي

ليولد السلام .. ؛

فدائما يعذبون .. ،

والدي مرةً ... ،

ومرة إخوتي ... ،

وأميّ العجوز ..

فيتركون منزلي .. ؛

ويهجرون كرمتي .. ؛

فلن .. ولن يكون ... ،

وهم كالنخل راسخون ..

كالجذر ضاربون ..

في عمق عمق أرضنا ..

في عمق عمق قلبنا ..

حتى نلبي النداء

     *    *    *

وبعد عشرين عاما .. وعامْ

قد مات والدي ..

ليس في الفراشْ ..

وليس بالرصاصْ ..

لكنهم قتلوهْ

قد مات يا صاحبي

من أجل كرمنا الصغيرْ .. ؛

وبيتنا الجميلْ ... ،

من أجل أشجار النخيلْ ..

لأن جارنا الدخيلْ ... ؛

يقطف الثمارْ ... ،

وينهب الغلالْ .. ،

ويحمل التراب في المساء  ..

في الصباح ..

كيفما يشاء .

    *    *    *

وبعد عشرين عاما .. وعامْ ..

كُبّلتُ بالحديدْ .. ؛ 

لأترك المكانْ .. ،

والأرض والحبيبةْ ... ،

وإخوتي الصغارْ ..

الأرض والحبيبةْ ..

لفظان توأمانْ ...

عقدان جوهرانْ ..

في الصدر يلمعانْ ..

لكنني مكبلُ .

    *    *    *

سيَّان قيد السلاسلْ ...

سيَّان ترك المنزلْ ..

لكنني شديدْ ... ،

وفي غدٍ نعودْ

لابد أن نعودْ..

لابد أن نعودْ ..

للأرض قبل الحبيبةْ .

                                 عمان 1970 م

البداية

لبيك يا قدس

 

أنا صادح ... جاب البلاد مغـردا

أنا ثائر ... حمل اللـــواء مرددا

لن أترك الوطن العزيز . . . مكبلا

أو يجمع الأعداء يوما . . . سؤددا

*    *    *

أو أجعل النشوى .. تروق عصابة

كثعالب الصحراء أفزعها الصدى

أو أغفل الأيام ... حين تيممـــوا

صوب الكرامة ... يقتلون الأمردا

*    *     *

وتجشموا طعن الخناجر ... عنوة

لفناء شعب ... لن يموت مشــردا

سنبيدهم ... قسما أقول ... معاهدا

ربي وقومي . . . أن نرد المسجدا

*    *    *

سأمزق الأكفان . . في جنح السرى

لأعيد قدسيَ . . . زاحفا مستشهدا

وأعيد يوما فـي الشروق كرامتي

ليسجل الأعداء ... يومــا أسودا

*    *    *

أنا عاصف . . . أنا فاتح فى ثورتي

أنا قادم ... فغدي يكون الموعــدا

أنا مارد ... رفع القيود محطمـــا

وكر الطغاة . . . وصانعا منه الغدا

*    *    *

أنا ثائر ... أفنى الحياة مغامـــرا

أو نازحا . . شرب المنون مع الردى

لكننــي ... لم أنس يوم طفولتــي

وشبابي المعهود ... أرواه النــدى 

*    *    *

لم أنس نور قداستى . . . وكرامتي

وشعائر الرحمن . . . منطقها الهدى

أنـا قــادم ... مع أمتي لأعيدها

بطلا ... تؤازره القلوب مؤيــدا

*    *    *

أنا قادم .. حتى أزلزل عرشهـــم

بالحق أزحف .. ثائرا صوب العدا

فغدا ... تكــون إرادتي وعزيمتي

رعدا ... يحطم قيدهم عبر المدى

*    *    *

                                  عمان 1969                  

البداية

إلى ذات الظفائر

 

إذا مروا على بيتي ... ،

ودقت أرجل الخيلِ ..

على أبواب منزلنا 

قفي بجوار نخلتنا .. ،

وغني مثلما غنى ...

على الماضي رجالاتٌ ..

لهم وطنُ ..

لهم همم ...

تشد بناء ثورتنا

وقولي يابنة الشطآنِ ..

هذا بيت أجدادي ... ،

وملك أبي .. ،

وأمي كان مولدها ..

على أعتاب أوطاني

وجئت أنا ... ،

وجاء أخي ..

على عتبات إيواني .

      *   *   *

وفوق رباه مرتعنا ... ،

وتحت ظلاله المأوى .. ،

ومسقانا من الأنهارِ ... ،

والآبار صافيةً ..

تموج على روابيها

غصون المجد كالإكليلِ ..

بل تاج من النصرِ ... ،

وأطيار تزج لنا

أغاريد الهوى تسري ..

مع الفجرِ

كأن حدائق التفاح .. والرمانِ

قد رقصت على قدمِ ..

لتعلن يومنا المنشودَ ..

في حيفا .. ، وفى يافا ... ،

وتعلن عرسنا الشرقيَّ ..

في القدسِ ... ،

وكل بيوت أجدادي ... ،

وتعلن يومنا المعهودَ ..

يوم تعود أوطاني .

     *    *    *

هناك أسجل الأشعارَ ..

تخليدا لأوطاني

هناك أزخرف الألوانَ ..

من أوراق بستاني

هناكَ .. هناكَ ..

يوم أعودُ

تذكرني ... فتلقاني . 

     *    *    *

إلى ذات الظفائرِ ... ،

والعيون الخضر في حيفا ... ،

وفي بيسان والقدسِ .. ،

وفي يافا ..

نسائم كلها شوقٌ

سأرسلها إلى بلدي ..

إلى أمي ..

لها مني إذا طلعتْ ...

نجوم الليل .. أو أفلتْ ..

أكاليلٌ من الوردِ ..

أكاليلٌ من الحبِ

     *    *    *

وحق غصون زيتوني ... ،

وأعنابي ... ،

وفيها بلابل الشوقِ ..

تغني للعيون الزرقِ

عند الفجر أغنيةً ... ،

وترقص رقصة الثوار ..

عند الفجر معلنةً ..

قدوم أبي .. قدوم أخي ..

وقد جاءوا من الشرقِ .. ؛

ليحموا بنت أوطاني ... ،

وأم القدس .. قد وقفت ..

جوار نخيل منزلنا

تغني غنوة الأبطالِ ..

عند الموت .. والنصرِ

تغني غنوة الأحرارِ

فوق رباك يا وطني .

    *    *    *

سنبعث ثورة الحممِ

بعاصفة .. وفاتحةٍ ... ،

وجند تعصر الأشواكَ ..

في الصيفِ .. ؛

لتشربها ..

إذا ما جفت الأنهارُ ... ،

أو أنّت من السيرِ ..

فقال أبي

لماذا يا ابنة الشطآنِ ...

تبكينا مع الليلِ .. !

ونحن هناك فوق التلِ ..

نحمي القدس .. والأغوارَ 

نرفع راية التحريرِ 

فوق أعنة الخيلِ ... ،

ونجني يانع الليمونِ

تتبعها أغاريدُ ... ،

وأفراح إذا صحنا نرددها

يغني صوت رشاشي .. ،

وأبطال أماجيدُ

لهم همم .. لهم ذمم .. ،

وقد نزفت دماؤهم ..

على أشواك " عوسجنا " ... ،

وتحت رمال أوطاني ..

غرسناهم ..

لينموا مرة أخرى .. 

وقال أخي

لماذا يا بنة الشطآنِ ..

نذرف دمعة العينِ ... ،

ونحن نود أن نسقى مع الدمعِ .

دموع كلها أشجانُ ..

لم تفتأ تعذبني ... ،

وقلب يرسل الأحزانَ ..

إن مروا على بيتي .. ،

وأرجلهم إذا ضربتْ ..

على أعتاب أبوابي

يحين لقاؤنا المحمومُ

يا أختاه .. لا تبكى

وهأنذا أعد لهم رجالاتٍ ..

حديد عزمها المجدول بالأملِ .. ،

ولم تشرب سوى دمهم .

     *    *    *

وردتْ غادة الشطآنِ ..

والبسمات ترقص فوق وجنتها ... ؛

وعين ترسل الأنوار إصباحا .. ؛

لتزجر ظلمة الليلِ ..

أنا عربية الأنسابِ ..

كيف أعيش في المحنِ .. ؟ 

أنا عربية الأمجادِ ..

لن أحيا بلا سكنِ .

دعوني أرسل الألحانَ ..

بارودا مع الليلِ

دعوني أكمل الإنشادَ ..

مفصحة عن الويلِ

دعوني أحمل الرشاشَ ..

يا أبناء أوطاني

أنا جندية التاريخِ ..

لا أثنى لأزمانِ .. ،

وأشجاني تبوح بسر مأساتي ..

ألا هبوا ... ،

وكفوا النومَ ..

يا أبناء أوطاني ... ،

ولا تبكوا على الماضي .. ،

وأنتم مشعل الأوطانِ ..

للمستقبل الآتي .

    *    *    *

                              الإسكندرية 1968

البداية

أغنيات العالم والدم

 

لن أكتب عن قصة حبٍ ..

أبدا ..

لن أكتبَ ..

يا قلمي المسنونْ ... ،

ولعلي أكتبْ ..

لن أنسج من أوهام الفكرْ ...

قصصا .. عن حب يدمي .. ،

قصصا .. عن أمل ملعونْ ... ،

ولعلي أنسجْ ..

 لن يسمح لي قلمي ..

أبدا ...

أن أكتب شيئا من ذاكْ ..

شيئا عن أيام الماضي ..

عن طفل يلعب بالأشواكْ ..

يلهو بالطين الأحمرْ ...

مزجته دموع الأطفالْ ..

روّته دماء الأبطالْ .

      *    *    *

لن أكتب شيئا من ذاكْ ..

عن أم تنسج معطفْ ...

تجدل من صوف الأغنام ْ.. ؛

أن وجدت للخيمة حبلا

تفتح بالفأس المصقولْ ..

تفتح للخيمة مصرفْ ..

تحفر للعالم قبرا

     *   *   *

لن يسمح لي قلمي ...

أبدا ..

أن أكتب شيئا من ذاكْ ..

فتعود سيفي البتارْ ..

أن يرسم من أشجار الواقعْ ..

من ورق الكرم المفقودْ ... ،

وتعود أن يصنع كفنا ... ،

ويشق طريقا مسدودْ .. ؛

كي يبحث عن جثث القتلى ..

عن طفل يولد مقتولْ ... ،

أو أم قد فقدت مولودْ .

      *    *    * 

عن ولد يبحث في البيت الخاوي ..

عن أبويهْ ... ،

ويحدق في البيت المهودْ ... ،

وحجار السطح المنهارةِ ..

لن ترحم طفلا مولودْ ..

لم ترحم يا بيتي المنكودْ ..

شيخا في سن التسعينْ ..

لن ترحم أطفالا باتوا ..

في مرأى العينْ ... ،

    *    *    *

وافترشوا الشوكْ ... ،

والشمس رداء وردي ... ،

والماء دماء تجري ..

في نهر الموتْ ..

فاضت من جثث القتلى ...

نزفت من أفواه الجرحْ ... ،

وتصب دماء الشهداء ..

في بحر الأهوال الدامي ..

في بحر النار السوداء

    *    *    *

أبدا ...

لن ترحم يا بيتي ..

أطفالا في عمر الوردْ

أزهارا في بحر الدمْ 

يصهرها الظمأ الملعونْ ..

تهلك من جوع مجنونْ .

آها .. يا عمري الضائعْ ..

آها .. يا بيتي المفقودْ

آها .. يا شعبا يُفنى ..

يُذبح .. يُقتل بالعشرات ... ،

ومئات تلقى في أخدودْ

     *    *    *

لن أكتب عن قصة حبٍ ..

أبدا ...

لن أكتب يا قلمي ... ،

ولعلي أكتبْ .. ؛

إن كان الحب سأكتبْ

عن قلب يطفح بالأحزانْ ... ،

أو صدر دامٍ ..

عن جرح ينزف .. يا عالمْ ... ،

أو صرخة أم تبكي .

     *    *    *

وسأكتب عن يأس العالمْ ... ،

وسأكتب عن بؤس البؤساءْ .. ،

وسأكتب عن كل الأشياءْ ..

ما دامت تحمل اسما ..

تحمل حُبا ..

تحمل للأطفال سلاما

تزرع للأجيال ورودا .

آها .. لو تحمل للعالم روحا ... ، 

او تحمل قلبا ..

تحمل أنفاسا محمومةْ .. ،

أو تحمل أجسادا مكلومةْ

كي يعرف معنى للحبْ

كي أكتب عن قصص الحبْ

    *    *    *

لكنَّ العالم لم يعرفْ ..

معنىً للحبْ

لم يعرف .. معنى للعيش ... ،

أو يعرف .. كيف يموتْ .. ؟

فالعالم سكير مجنونْ !!

العالم مغرور يا قلبي !!

العالم دوما محزونْ

العالم قد أدمته الحربْ

فلتهلك يا عالم أجمعْ ... ،

ولنشرب أعتق خمرٍ ..

تترع في نخب الموتْ .. ،

ولنرفع إكليل الورد الأسودِ ..

فرحا في أعياد الموتْ .

    *    *    *

آها ... ما أحلاه الموتْ

آها ... ما أبشع قتل الصوتْ

لكنْ ...

لا حرج اليوم علينا .. !

ما دام العالم ضائعْ ..

لا يجدي فيه الغوثْ ..

ما دام العالم يلهو

في ركن من حانات الحربْ .

     *    *    *

أملي والعالم ضائعْ .. !

بيتي والعالم مفقودْ .. !

حبّي والعالم مسلوبْ .. !

فلتفني يا قصص الحبْ ... ،

وليفنى العالم يا شعبي ... ،

ولتأت الساعة .. فلتأتِ

ما دام العالم مفقود..

مادام الحب سيبكي !!

    *    *    *

                                       عمان 1970

البداية

 

نداء على جبال القدس

 

هناك ... على راسيات الحجرْ

جلست ... أغازل ضوء القمر

وبالقرب مني .. يصب الغدير

ويجري الشراع ، ويهفو الشجر

أخا النور ... مالي أراك تئن

كأنك في رحلة ... أو ضجـر

*   *   *

قطعـــت السماء مع السابحات

فأنت إمـام .. وهن خفــــر

تعاليت . . . في مجدك المستديم

فليس يدانيـك ... فيه البشـــر

وأمسكت . . . في قبضتيك الزمام

لتزجي إلينا ... خيوط القـــدر

*    *    *

لك الشرق والغرب . . ملك فسيح

تهيــم بحبك ... بين الخضــر

وتحضن تلك الـربوع . . . إليك

وتجمع في راحتيك . . . الزهر .!

وتسمو . . على راسيات الجبـــال

منيرا . . . تداعب ماء النهــــر

*   *   *

ولكـنَّ مثلي . . . أضاع الحيـــاة

يغامــر ... في كونه المستتـــر

نزحت من الأرض . . غض الإهاب

لأعلــو هناك ... علو النســــر

هناك . .. على عاليات الجبــــال

وفـوق السهول . . . سقاها المطـر

*   *   *

وقفت . . . لأنعي صوت الضعيف

يئن من القيــد ... بين الحفـــر

ولا مـن مكان . . . يلذ الجليــس

ويحلو اللقاء . . . ويصفو الكــدر

سوى الروض . . فيه ترف الظلال

وفيه تموج ... صنوف الفكـــر

*   *   *

هناك . . . على راسيات الحجــر

جلست أعانق . . . ضوء القمــر

وبالقرب مني . . . يصب الغدير .!

كان المياه ... تناغــي الوتـــر

وفيه تراقص . . . في ناظــريّ

غصون تدلت . . . تجوب القِعــر

*   *   *

تعانق فيه . . . بهاء الصخــور

وتجمع منه . . . نفيس الـــدرر

وتنثر . . . فــوق اللجين ورودا

تخال إليك طيورا تمــر . . . !

على النهر . . . تشرب من شهده

وتغسل ريشا ... علاه الغبـــر

*    *    *

وليس هناك . .. سوى عندليــب

يغنّي . .. فيطرب أهل الســـمر

فغنى إليّ . .. " أغانــي الحياة "

وفي معبد الحب . . . يتلو السور

وأثنى بلحـن ... يهـز الفــؤاد

وترقص معه .. نجوم السحــر

وأمسكــت كاسي ... وقد خلته

لرعشــة حب ... خلاه الخمـر

 فما نلت منه ... سـوى رشفــة

علاها رضاب ... مليح الشــذر

  أما . . هل تجوز إليَّ الحيـاة .. ؟

 إذا بــت ليلي ... أنا والقمــر

*   *   * 

أقبـل ثغـرا ... بـه لــؤلــؤ

وخــدا منيــرا ... كنجم ظهـر

وأجني عن الغصن . . حلو الثمــار

جنيا ... تدانــت عليها الصــور

فمنها الســفرجل ... والبرتقــال

تراقـــص . . . فوق ثنايا الصدر 

وفوق الضفائــر ... يبدو إلينـــا

من التبر تاج . .. صنيع القــــدر

وعينان . . . فيها صفـــاء الحياة

ونـور السماء ... ولج البحــــر

وجيد ... كجيـــد الغــزال رقيق

ترى الماء منه . . . كسح القطــر

*   *   *

ووجه نقي ... كسـطح الجليـــد

إذا الشمس . . . تبدو عليه نظـــر

وطبع . . يجل عن الوصف حتى ..!

غدا الوصف شيئا . . . قليل الأثــر

*    *    *

 فليـس لديَّ ... حياة النســـــور 

تحلق . . . فوق دروب الوعــــر

وليس لديَّ . . . قداســــة موسى

ولا طهر أحمد . .. بين البشــــر

ولكنْ لقلبي ... فــوح الزهـــور

وطهر المياه . . . إذن .. فانتظــر

*   *   *

سأتلو عليك . . . من الحـب طـرفا

تجلى عن الوصف . . . منه الشـذر

رحلت هناك . . . إلى القـدس يوما

لأجني ورودا . . . لنا أو . . . ثمر

هنــاك ... على ربـــوة العاشقين

غرست حنيني . . . وطول السهــر

*   *   *

هنــــاك ... على قمــة الراسيات

جلسـت . . . لأنحت منها الصــور

هنـــاك . .. على صخرة الخالدين

 نقشــت لها ... بالبنان العبـــــر

هناك . . . علــى ناصعات البياض

بنيت لها . . . مـن فؤادي قصـــر

*   *   *

هنـاك .. هنــاك .. إذا جئتنــي

سأهديك حبي . . . على بيت شعـر

وأنقش منه ... لــكِِ أسطـــــرا

تخلـد ذكــرى ... لنا كالقمـــر

*   *   *

أما لو تجيئي . . . معي في الخيــال

نهيم كطفـــل ... رعاه القــــدر

نلذ بطعم الحياة . . . ويصفـــــو 

لنا العيش يوما . . . كفى لا شهــر

*   *   *

سنبني من الحب . . . بيتا صغيـرا

ككـوخ ... يلــم شتات الأســـر

غدا يصبح الحب . . صرحا منيفـــا

وتحنو عليه ... ظـــلال الشجــر

ويكبر في ناظرينا . . . الجمـــال

ليكســو الجبال . . . ثياب الزهـر

هنـــاك ... يطيــــب لنا منهل

ونشرب منه . . . لذيذ النصــــر

 

                                    الإسكندرية 1968

البداية

 

هجــــــران

 

أضحى الفؤاد . . .من الهجران هيمانا

والوجد أسقى . . . ربوع القلب أشجانا

إني أحن . .. وطار القلب من شغـف

كالطيـر يصدح ... أنغاما وألحــانا

لكن قلبك ... يا من عشت أنشــدها

لا يقبل العفو ... إكرامـا وإحســانا

حتى غدوت ... أعد النجم منتظــرا

قربي إليك ... أرى منــهن ألــوانا

*    *    *

تلك الحياة . . . نعيم . . عنـد هانئها

أمّا حياتي . . . ظلام . . في محيانا

أوَ قد تقولي . . . بأني بتّ . . مكتئبا

فإن حييـــت . . . فأنت عين دنيانا

لمّا أموت . . . فيكفــي منك مرثية

من النشيد . . . وغني . . مثلما كانا

قيس وليلى . . . تهادا في مرابعهــم

ما أن تناءت . . . فغنّـى اللحن أبكانا

*   *   *

       قال الوشاة .. . بأني لســـت نائلها

       أو صائبا منك . .. حبـّـا فيه ملهانا

       ورايشتني سهام الغدر . . . ما برحت

       تمــزق الجســم أياما .. . وأزمانا

       كى لا تعيش لنا ذكــرى . . يفعمها

       طيب الـورود . . . وظل كان مأوانا

       وليهجر الحب قلبينا . . . على عجـل

       كالريح تذري . . . مع الأيام ذكـرانا

*   *   *

       هل تذكرين مكانا . . . ضم مجلسـنا

       يا أعطــر الناس . . . أنفاسا وأردانا

       لو ينطق الصخر . . . والأمواج تلطمه

      عند الأصيل . . . وعين الشمس ترعانا

       أو ينبت الرمل روضا . . . لا يفارقه

       نور الصباح . . . فيهفو الورد نشوانا

       لقال ويحك . . . ما ذكــراك نجهلها

       فكيف قلبك ... يأبانا .. ويســـلانا

*   *   *

       وكيــف نرضى بغير الوصل منزله

       فيها الشقاء ... كوشـــم في محيانا

       لـذا أقــول إليها . . . لو تطاوعني

       يا من تعلق . . . فوق الصدر مرجانا

      هيـّا هنـاك . . . إلى أفنــان أيكتنا

       كي نجمع الجنـي . . . تفاحا ورمانا

       والغصن يعزف . . . والأطيار تطـربنا

       من لحن حبك . . . والأحــلام سقيانا

       آهٍ من الوجــد . . . قد جفّـت منابعه

       وبات ورد الصِّبا .. في الروض عطشانا

       لو أحسـن الناس .. صنعا في معاملتي

       لمــا افتقدنا حبيبا . . . بات يهــوانا

       لكن أساءوا . . . وأعمى الظـن أعينهم

       فكيف أصبـو . . . وقلبي بات وسنانا

       وكيف نرضـى . . . بكأس ليس يملؤه 

      غير العذاب . . . وكان الشــهد مسقانا

*   *   *

وحق حبـك ... والوجدان يستـره 

إن عاود القلب .. ذكراك وذكرانا

لأرشفن كؤوس الحب ... مترعة

وليشهد الكأس ... أنّي بت سكرانا

حتى أفيــق ... على خديك منتشيا

أقص ذكـرى الهوى أو يوم لقيانا

أو أن أروح لأهل الطــب أسألهم

هل يبرئ الطب .. قلبا بات ولهانا

*   *   *

قال الأطباء ... هــذا ليس يبرؤه

إلا الحبيب ... فــداء الحب أعيانا

قيس وليلى تغنى في الهوى زمنا

حتــى تناءت أضحى قيس هيمانا

ومات قيس ... وما جفت جداوله

تصب دوما .. بنهر الحب ألحانا

*    *    *

فيا نسيم الصَّبا إن زرت ربعهُمُ

عند الصباح وكان الزهر ظمآنا 

فاروِ الحدائق .. كى تنمو خمائلنا

وليعبق الورد طيبا.. منه فيحانا

واحمل إليهم من الغناء ما نبتت

من يانع الفل والليمون .. أفنانا

       وهــاك منّي . . . سلام الله أرسـله

      عبـر الأثيـر . . . فيغنـي ذاك أحيانا

       إمّا تعود . .. فمنهم آتني خبــــرا

       قبل الممات . . . فعمري اليوم قد حانا

*   *   *

       سبعون شهرا . . . وقلبي بات منتظرا

       يـوم اللقاء . . . أما قــد حان لقيانا

       سبعون شهــرا . . ومني العين باكية

      هجـر الربوع . . . فأنّى كان ملــقانا

       أين اللقاء . . . وما زالــت شواطئنا

       تبكــي علينا . . ونحن الخلف أعيانا

     لكــن هلموا . . .فما في العيش منفعة

     والأرض تســلب . . . والأيام تنعـانا

     وما علينا لأهل الخلــد . . . مكـرمة

     إلاّ الفــداء . . . ونهدى الروح قربانا

 

                                الإسكندرية 1969

البداية

 

ليلة عاصفة

 

          الليل يزحف . . . في وهـــنْ

          والبدر يركض . . . في دجــنْ

          والــريح زمجـر . . . والعباب

          يـدق أطــراف الســــفن

          والبرق ... يرســــل ومضه

          والعين . . . يجفوها الوســـن

          والرعد يزأر . . . غاضبــــا

          فالصوت يسمع . . . في عــدن

          والبحـر يزبــد . . . ثائــرا

          يجـــري .. . فيمسـكه العنن

*   *   *

         مـوج يلاطـم . . . بعضــــه

        ويعانـق البعض . . . المــــدن

         فتخـر أســــراب الســـفين

         تغـــور في قــــاع الحـزن

        مكلومــة . . . بيـن الصخــور

         وجاثما. . . بيـــن الدمــــن

        والأيــك يرجــــف . .. خائفا

        والطيــــر . . . أفزعه المـزن

        مـن هــــزة ... أو لفتــــة

         أو رقصـــة . . . فيها شجــن

          أو قبلــة . . . فـي فرحــــة

يزجيهــا للفــن .. . الفنـــن

*   *   *

 والــورد يشكــو ... قائـــلا

 مالـي ... وهاتيـــك الســـنن

          إن جاء صيـف . . . خلتنــــي

          في الروض أرقص . . . أو أغــن

أو جــاء تمــــوز الـــذي

شمس له ... تكوي البــــــدن

 خيــر إلينــا مـن الشتــــا

          هيهــات تفنيـــه المحــــن

ويعــود فصـــل غيــــره

إن الربيـع ... لنـا حســــن

فيـــه تـــرف ظـــلالنا..

من بعد موت ... أو سكـــــن

*   *   *

الريـح .. تلطـــم منـــزلي

أو صخــرة ... بها ارتكـــن

لكــنَّ بيتــي ثابــــت ...

كالطود .. رسخــه الزمـــن

وأنـا ... سأبقـــى . . شامخا

إن دب ... في جسمي الوهـــن

          لا أستكيـــن ... لذلــــــة

          أو أنحني ... حنـــْــي الغصن

          عقل وعـزم ... فـي يــــدي

          والعقـل ... يحملــه البـــدن

          فلما أنيــخ مطيتــــي .. . ؟

          وأعيش ... في كنــف المــحن

*   *   *

          وأنـا الــذي ... ما راعــــه

          في الهول ... بازغــة الفتـــن

          وغـدي ... يحــن لجلســــة

          والكأس تفــرغ ... والـــدنن

          والغيــد تـــــرقص ... بيننا

          والمسـك فاح .. . من الـــردن

          فانعـم بعيشــك ... طالمــــا

          لم يلبـس الجســم الكفـــن .!

*    *    *

                                       الإسكندرية 1969

البداية

 

فقلبي رهينك لو تشفقي

 

          سأجــذب عينك ... لو ترفقـــي

          وأملك قلبــك ... لـو تشفقـــي

          فلا تهمليني ... كشــيء تكســر

          أو تتركينـي ... بــلا مُرفِـــق

          وقفــت مليّا ... فــي شــرفتي

          لأرقب وجهك ... ذا المشــــرق

          فأشـرق طبعــــك ... في مقلتي

          كضــوء النجوم ... على مفــرق

          وأطلق قلبــــك .. سهم الوصال

          أصـاب بقلبي ... ولم يرفــــق

          فرفقا عليّ ... طنيــبَ الجــوار

          إذا القلب يغفــو ... فلم يغلــق

*    *    *

          سيبقى فــؤادي ... على عهــده

          ويرقب ذكـرى ... بـلا موعــد

          وأعشق طيفا ... ينمـي الخيــال

          فعشقي لحسنـك ... لم يعهــــد

          بقــري إليك ... يــرق النسيـم

          ويصفـو اللقاء ... فلا تجحــدي

          وبعدك يضني ... فــؤادي الكسير

          ويجعـل جسمي ... نحيــلا ردي

          فلا تتركيني ... أعــد الســراب

          من الشـوق ماء ... ولم اشهـــد

          سأجـذب عينــك .. إن ترفقـي

          وأملك وصـلك ... لو تشفقـــي

*   *   *

          صباحـك ... أوحــى إليّ الخيال

          وألقى عليّ ... وشـاح الجمــال

          ووجهك يضحـك ... لي باسمــا

          كرسم أجال ... بعينـي الخيــال

          وثغرك أحلى رضابــا ... وأشهى

          من الخمر عندي .. وليس محــال

          فليـس عليّ ... محـال أقـــول

          إذا الوقـت حان ... رضابك قـال

          أنا الخمر ... أحلى وأشهى مذاقــا

          فنعم الخصـال ... ونعم الكمــال

          فأنـت الجمـال ... وأنـت الدلال

          فـدونك قلبي .. فهــل تشفقــي

*    *    *

          وأنـت حياتي ... فـلا أتعـــب

          وأنت شقائـي ... فـلا أصخــب

          وأنــت نعيمي .. . فلا أرعــوي

          إذا قلـت دمعي ... لك يسكــــب

          وأروي التـــراب ... لأجلك حتى

          رمال الصحـــارى ... لك تخصب

          وينبت حُبّـا بريـئا ... كطفــــل

          سقتـه أنامــل ... لا تخضـــب

          ويغـدو سعيدا .. . على عهـــدنا

          ليبنـي المعابـد ... أو ينجــــب

          غريـرا يعــز عليـه الفـــراق

          فها قلبي يصبـو ... إذن أشفقـــي

*    *    *

          فليـس عليك ... يعــز اللقـــاءْ

          وليـس لمثلك ... أرضى الشقــاءْ

          وليـس لديّ ... حبيــب أعـــز

          من البـدر ... يزجي إليّ الشقـــاء

          وليـس لدي ... طنيب مجيــــر

          يكــلل دربـــي ... نجومَ السماء

          وليـس لدي ... رفيــق وفـــيّ

          أعــد لقـربيَ .. . كـلَّ الوفــاء

          فأنـتِ الحبيب ... وأنـت الصديق

          وليـس لقلب ... سـواك رجــاء

          وأنـتِ النسيـم ... وأنت العبيــر

          فقلبي رهينك ... لو تشفقـي ... !!

*   *   *

                                  الإسكندرية 1968