أسلوب الشرط
أدوات الشرط غير الجازمة
تطلق تسمية أدوات الشرط غير
الجازمة على تلك الأدوات الشرطية التي لا تؤثر جزما على الفعل المضارع ، إلا أن
المعنى التعليقي موجود في هذه الأدوات .
نحو قوله تعالى : { إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين }1 .
وقوله تعالى : { ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم }2 .
وقوله تعالى : { فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين
}3 .
أنواعها : ـ
تنقسم أدوات الشرط غير الجازمة إلى نوعين :
1 ـ أدوات شرط امتناعية . 2 ـ أدوات شرط غير امتناعية .
أولا ـ أدوات الشرط الامتناعية وهي : ـ
لو ، لولا ، لوما .
المقصود من الامتناع أن الربط بين جملتي الشرط
والجواب ، يكون ربطا سلبيا .
فالتعليق لم يكن لتوقف وجود الجواب على وجود الشرط ، وإنما لأن الربط
بين الشرط والجواب يقوم على انعدام الجواب لانعدام الشرط ، كما هو الحال في " لو "
، وقد يكون انعدام الجواب لوجود الشرط كما هو الحال في " لولا " ، و " لوما " ،
وذلك يعني أن الامتناع قد يكون للجواب والشرط معا كما في " لو " ، وقد يكون
الامتناع للجواب دون الشرط كما في " لولا " ، و " لوما " .
وهذه أمثلة وشواهد مفصلة على ذلك : ــ
* لو : حرف شرط غير جازم يربط بين جملتي الشرط ، والجواب ، ويفيد امتناع
لامتناع . أي : امتناع الجواب لامتناع الشرط ، وهو للتعليق في الزمن الماضي ،
ـــــــــــــــــــــــ
1 ــ 15 القلم . 2 ــ 65 يوسف .
3 ــ 67 القصص .
ويقترن جوابه بـ " اللام " مطلقا ، إذا كان ماضيا متبثا ، ويتجرد منها
إذا كان منفيا .
نحو : لو درست جيدا لنجحت في الامتحان . ولو بكرت في الحضور ما عاقبناك
.
ومنه قوله تعالى : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا }1 .
وقوله تعالى : { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض }2 .
وقوله تعالى : { لو شاء ربك لأنزل ملائكة }3 .
وقوله تعالى : { لو شاء الله ما تلوته عليكم }4 .
وقوله تعالى : { ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة }5 .
وقوله تعالى : { لو شاء الله ما أشركنا }6 .
وقد جاز اقتران جواب لو ، ولولا المنفي باللام في الشعر . كقول الشاعر
:
لولا رجاء الظالمين لما
أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا
وتأتي " لو " الشرطية بمعنى " إن " الشرطية ، ولكنها غير جازمة ، فيليها
فعل مضارع دال على الاستقبال .
كقوله تعالى : { وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية }7 .
أو ماض فتصرفه إلى الاستقبال .
نحو قوله تعالى : { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين }8 .
ــ الأصل في لو الشرطية أن يأتي بعدها فعل ، غير أنه قد يليها اسم فيكون
فاعلا لفعل محذوف . نحو : لو محمد سيسافر لأخبرتك .
ومنه قول الغطمش الظبي :
أخلاي لو غير الحما أصابكم
عتبت ولكن ما على الدهر معتب
ـــــــــــــــــــ
1 ــ 31 الحشر . 2 ــ 27 الشورى .
3 ــ 24 المؤمنون . 4 ــ 16 يونس .
5 ــ 61 النحل . 6 ــ 148 الأنعام .
7 ــ 8 النساء . 8 ــ 17 يوسف .
أما إذا وليها ضمير فيعرب توكيدا للفاعل المستتر في الفعل المحذوف الذي
يفسره ما بعده لأن ضمير المخاطب لا يجوز إظهاره .
نحو : قوله تعالى : { لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي } 1 .
وفي مجيء الاسم بعد لو خلاف ، لأن بعض النحويين يقول لا يلي " لو "
الشرطية إلا فعل ظاهر ، ومجيء الفعل مضمرا بعدها ضرورة شعرية كما في البيت السابق .
ولكننا نؤكد على أن انفصال الضمير عن الفعل المحذوف في الآية السابقة
يعمم ذلك .
ــ وقد تأتي " أن " المشبهة بالفعل بعد " لو " وللنحاة في إعرابها وجوه
.
أعربها سيبويه : في محل رفع مبتدأ حذف خبره .
نحو قوله تعالى : { ولو أنهم صبروا }2 .
وقوله تعالى : { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام }3 .
ومنه قول تميم بن أبي بن مقبل :
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر
تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
وأعربها الكوفيون وكثير من النحاة في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره :
ثبت ، أو حصل ، أو استقر ، وهذا هو الأفصح ، والله أعلم .
* لولا : حرف شرط غير جازم يفيد امتناع الجواب لوجود الشرط .
أي : امتناع لوجود ، وهي مركبة من " لو " و " لا " الزائدة ، ويليها
دائما اسم مرفوع يعرب مبتدأ ، وخبره محذوف وجوبا ، ويقترن جوابها باللام
كثيرا إذا كان ماضيا مثبتا ، ويتجرد منها إذا كان منفيا .
نحو : لولا الله لوقع حادث أليم ، و: لولا والدك ما حضرت .
ومنه قوله تعالى : { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض }4 .
وقوله تعالى : { فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين }5 .
ـــــــــــــــــ
1 ــ 100 الإسراء . 2 ــ 5 الحجرات . 3 ــ 251 البقرة .
4 ــ 17 لقمان . 5 ــ 21 النور .
وقوله تعالى : { ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين }1 .
وقوله تعالى : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا
}2 .
وقد يتجرد جوابها من اللام . كقول أبي العطاء السندي :
لولا أبوك ولولا قبله عمر
ألقت إليك معد بالمقاليد
* لوما ـ حرف شرط غير جازم يفيد امتناع الجواب لوجود الشرط .
أي : امتناع لوجود ، وهي مركبة من " لو " ، و " ما " الزائدة .
نحو : لوما الكتابة لضاع معظم العلوم . ونحو : لوما الشوق لم أكتب إليك
.
ومنه قول الشاعر :
لوما الإصاخة للوشاة لكان لي
من بعد سخطك في رضاك رجاء
ثانيا ــ أدوات الشرط غير الامتناعية :
أما النوع الثاني من أدوات الشرط
غير الجازمة ، فيطلق عليه أدوات الشرط غير الامتناعية ، أي : أن الشرط في هذا
المقام لا يفيد الامتناع كما هو الحال في " لو " وأخواتها ، وإنما يفيد مجرد
التعليق ، والربط بين جملتي الشرط والجواب ، مثله تماما مثل أدوات الشرط الجازمة .
وأدوات الشرط غير الجازمة الامتناعية هي : ـ
إذا ، أمَّا ، لمَّا ، كلَّما . وإليكها بالتفصيل .
* إذا : أداة شرط غير جازمة لما يستقبل من الزمان ، تفيد الربط بين جملة
الشرط ، وجوابه ، ولا يليها إلا الفعل ظاهرا ، أو مقدرا .
فمثال مجيء الفعل بعدها ظاهرا قولهم : إذا حضر الماء بطل التيمم .
ومنه قوله تعالى : { إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور }3 .
وقوله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول }4 .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 57 الصافات . 2 ــ 64 البقرة .
3 ــ 7 الملك . 4 ــ 1 المنافقون .
وقوله تعالى : { إذا رأيتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا } 1 .
ومثال مجيئه مقدرا :
قول الشاعر :
إذا المرء لم يرزق خلاصا من الأذى
فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
ومنه قول أبي فراس الحمداني :
إذا الليل أضواني بسطت له يد الهوى
وأذللت دمعا من خلائقه الكبر
ومنه قول المتنبي :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ومنه قول بشار بن برد :
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى
ضمئت وأي الناس تصفو مشاربه وعندما يجيء الفعل بعد إذا مقدرا يلها اسم ظاهر ، أو
ضمير ، كما في الأبيات السابقة ، وعندئذ يعرب الاسم ، أو الضمير فاعلا لفعل محذوف
يفسره الفعل الظاهر ، وقد استحسن النحاة هذا الوجه . وقد أجاز سيبويه إعراب الاسم ،
أو الضمير الواقع بعد " إذا " مبتدأ ، إذا كان الخبر فعلا ، وأجاز الأخفش ، وابن
مالك وقوع المبتدأ بعدها بلا شرط .
* أمَّا : أداة شرط غير جازمة ، تفيد تفصيل الجمل وتوكيدها ، وتطلب
جوابا لنيابتها عن أداة الشرط " مهما " وفعلها ، وتلزم الفاء جوابها ، ولا يليها
إلا الاسم سواء أكان مبتدأ ، نحو : أما عليٌّ فمجتد ، وأما أحمدُ فمؤدب .
ومنه قوله تعالى : { وأما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر }2 .
وقوله تعالى : { أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب }3 .
ـــــــــــــــــــــ
1 ــ 12 الفرقان . 2 ــ 79 الكهف .
3 ــ 41 يوسف .
وقوله تعالى : { وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين }1 .
ــ أو خبرا نحو : أمَّا حاضر فمحمد .
ــ أو مفعولا به تقدم على فعله . نحو : أما المجتهد فيكافأ ، وأما
ألمهمل فيعاقب .
ومنه قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر ، وأما السائل فلا تنهر }2 .
ــ أو جارا ومجرورا . نحو : أما لفعل الخير فنعم ، وأما لغيره فلا أفعل
.
ومنه قوله تعالى : { وأما بنعمة ربك فحدث }3 .
* لمَّا : أداة شرط غير جازمة تفيد التعليق ، وتختص بالدخول على الأفعال
الماضية ، مبنية على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية بمعنى " حين " .
نحو : لما حضرت والدي الوفاة أوصاني بتقوى الله .
ونه قوله تعالى : { فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه }4 .
وقوله تعالى : { فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما }5 .
وقوله تعالى : { فلما أخذتهم الرجفة قال ربِّ لو شئت أهلكتهم }6 .
* كلما : أداة شرط غير جازمة ، مركبة من " كل " ، و " ما " المصدرية ،
نائبة عن الظرف الزماني في محل نصب ، تفيد التكرار ، ولا يليها إلا الماضي
شرطا وجوابا ، والعامل فيها جوابها .
نحو : كلما سألني المعلم أجبته على سؤاله .
ومنه قوله تعالى : { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها }7 .
وقوله تعالى : { كلما خبت زدناهم سعيرا }8 .
ـــــــــــــــــــــــ
1 ــ 80 الكهف . 2 ــ 9 ، 10 الضحى .
3 ــ 11 الضحى . 4 ــ 70 يوسف .
5 ــ 190 الأعراف . 6 ــ 155 الأعراف .
7 ــ 8 الملك . 8 ــ 97 الإسراء .
وقوله{ كلما جاء أمة رسولها كذبوه }1
ومنه قول المتنبي :
كلما رحبت بنا الروض قلنا
حلب قصدنا وأنت السبيل
جواز ووجوب الحذف في فعل الشرط وجوابه
أولا ـ جواز حذف فعل الشرط :
يجوز حذف فعل الشرط في المواضع
التالية : ـ
1 ـ إذا وقع بعد " إن " المدغمة بـ " لا " النافية .
نحو : قل خيرا وإلا فاصمت .
والتقدير : قل خيرا وإن لا تقل فاصمت .
ومنه قول الشاعر :
فطلقها فلست لها بكفء
وإلا يعل مفرقك الحسام
والتقدير : وإن لا تطلقها يعل ... إلخ .
2 ـ يجوز حذف فعل الشرط وأداته إذا دل عليه دليل ، والدليل هو سياق
الآيات الكريمة . كقوله تعالى : { فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم }2 .
والتقدير : إن افتخرتم ( أو ما في معناه ) بقتلهم فلم تقتلوهم ، وقوله :
" ولكن الله قتلهم " يستدل به على المحذوف .
وقوله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } 3 .
فالجواب في الآية السابقة : يحببكم الله ، وحذف الشرط مع الأداة ،
والتقدير : فإن تتبعوني . والدليل قوله : " فاتبعوني " المذكورة في الآية .
3 ـ ويجوز حذف الشرط بدون الأداة إذا وقع بعد " من " المتلوة بـ " لا "
النافية .
نحو : من أكرمك فأكرمه ومن لا فدعه . والتقدير : ومن لا يكرمك فدعه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 44 المؤمنون . 2 ــ 17 الأنفال .
3 ــ 31 الأعراف .
ثانيا ــ جواز حذف جواب الشرط .
يجوز حذف جواب الشرط إذا وجد ما
يحل محله ويدل عليه .
نحو قوله تعالى :
{ فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فأتيهم بآية }1
.
والتقدير : فابتغ ، أو افعل .
ومنه قوله تعالى : { كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم }2 .
الجواب محذوف ، والتقدير : لارتعدتم . وقد دل عليه قوله تعالى : لترون
الجحيم .
وقوله تعالى : { أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة }3 .
حذف جواب الشرط في أسلوب الشرط الثاني من الجزء الثاني من الآية وهو
قوله : { ولو كنتم في بروج مشيدة } .
والتقدير : يدركم الموت ، ودل عليه جواب الشرط في : قوله تعالى : {
أينما تكونوا يدركم الموت } .
فكان حذف جواب الشرط في الجزء الثاني من الآية لدلالة جواب الشرط في
الجزء الأول من الآية عليه .
ثالثا ـ وجوب حذف جواب الشرط :
يجب حذف جواب الشرط في المواضع التالية
: ـ
1 ـ إذا كان جواب الشرط ماضيا واكتنفه ما يدل على الجواب المحذوف .
نحو : أنت ـ إن كتبت الدرس ـ مجتهد .
التقدير : إن كتبت الدرس فأنت مجتهد .
فوجب حذف جواب الشرط لدلالة الضمير المنفصل " أنت " عليه ، ولكونه جاء
سابقا لفعل الشرط الدال على الزمن الماضي .
2 ـ إذا تقدم جواب الشرط قسم دال عليه .
ــــــــــــــــــــــ
1 ــ 35 الأنعام . 2 ــ 5 ، 6 التكاثر .
3 ــ 78 النساء .
نحو قوله تعالى :
{ ولئن اتببعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذن لمن الظالمين }1
.
تم حذف جواب الشرط من الآية ، لأن القسم أحق بالجواب منه ، فالقسم إذا
سبق الشرط كان الجواب له دون الشرط ، لأن جواب الشرط خبر يجوز فيه التصديق ،
والتكذيب ، في حين جواب القسم لا يحتمل إلا الصدق ، لذلك كان أولى من الشرط بالجواب
. والتقدير : إن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذن لمن الظالمين .
فيكون حينئذ الجواب للشرط .
والدليل على أن الآية قد سبق فيها القسم الشرط ، أن اللام المتصلة بأداة
الشرط لام القسم الموطئة له ، والتقدير : والله لئن اتبعت ... الآية .
3 ـ يجب حذف جواب الشرط ، إذا كان فعل الشرط ماضيا ، وتقدم ما يدل على
الجواب المحذوف . نحو : أنت تستحق الجائزة إن تفوقت .
والتقدير : إن تفوقت فأنت تستحق الجائزة .
فحذف الجواب لوجود القرينة الدالة عليه ، والتي سبقت فعل الشرط الماضي
الزمن .
ومنه قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أبي قتادة الحارث بن ربعي عن
الرسول الكريم ... الحديث " أن رجلا قال يا رسول الله أ رأيت إن قتلت في سبيل الله
أتكفر عني خطاياي ؟ فقال له الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : نعم إن قتلت في سبيل
الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر " . والتقدير : أكفر عنك خطاياك .
* جواز حذف فعل الشرط وجواب الشرط معا : ـ
يجوز حذف فعل الشرط وجوابه معا ، وإبقاء الأداة فقط إذا دل عليه دليل .
نحو : من ساعدك فساعده وإلا فلا . فقد حذف فعل الشرط وجوابه .
ــــــــــــــــ
1 ــ 37 الرعد .
والتقدير : وإن لم يساعدك فلا تساعده .
ومنه قول الشاعر :
قالت بنات العم يا سلمى وإن كانــــ
فقيرا معدما ، قالت : وإن
الشاهد قوله : وإن كان فقيرا معدما ارتضي به . فانحذف الفعل والجواب معا
.
* اجتماع الشرط والقسم في جملة واحدة : ــ
1 ـ إذا تقدم الشرط على القسم في جملة واحدة ، فالجواب للشرط من باب
أولى ، وهذا هو الصحيح . نحو : إن تحضر إلينا ـ والله ـ نكرمك .
فالجواب : نكرمك ، يكون للشرط مجزوما .
2 ـ ويكون الجواب للشرط إذا تأخر عن القسم ، ولكن تقدم عليها مبتدأ ،
يكون الشرط والقسم خبرا له . نحو : أنت والله إن تجتهد تتفوق .
فالجواب : تتفوق ، جاء جوابا للشرط رغم تقدم القسم عليه ، والدليل على
مجيئه جوابا للشرط جزمه بأداة الشرط ، والعلة في مجيئه جوابا للشرط دون القسم تقدم
المبتدأ " أنت " على القسم والشرط ، والجملة من القسم والشرط في محل رفع خبر .
ومنه : العلم والله إن أحسن استغلاله تسعد بثمرته البشرية .
3 ـ إذا تقدم القسم على الشرط ولم يسبقهما مبتدأ يخبر عنه بجملتي القسم
والشرط معا كان الجواب للقسم . نحو : والله إن تدرس لتنجحن إن شاء الله .
الجواب : لتنجحن ، جاء جوابا للقسم دون الشرط ، والدليل اتصال الفعل
بلام القسم ، وتوكيده بالنون ، ولو كان جوابا للشرط لكان مجزوما .
ومنه قوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن }1 .
الجواب : ليخرجن ، جاء جوابا للقسم دون الشرط ، والدليل : اتصاله بلام
القسم ، وتوكيده بالنون .
ـــــــــــــــــ
1 ــ 53 النور .
وقوله تعالى : { قال تالله إن كدت لَتُردِين }1 .
وقوله تعالى : { وإذ تأذَّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم }2 .
وقوله تعالى : { قالوا لئن لم تنته يا نوح لنكونن من المرجومين }3 .
اقتران جواب الشرط بالفاء
ذكرنا سابقا أن الشرط هو تعليق
لفعل الشرط ، وجملة جوابه ، كما يتوقف الجواب على الشرط ، وأن فعل الشرط أساس في
وجود الجواب .
لذلك لا بد أن يتوفر في الجملة الشرطية ركنين أساسين هامين هما : فعل
الشرط ، وجواب الشرط ، ولكل منهما صور قد تأتي مختلفة في الجملة الشرطية ، ولكن مع
اختلاف الصور ينبغي أن يكون فيها الجواب بصورة خاصة صالحا لأن يكون جوابا للشرط .
وهذه الصور هي :
1 ـ قد يأتي فعل الشرط مضارعا ، وجوابه مضارعا .
نحو : من يدرس ينجح .
ومنه قوله تعالى : { ومن يغلل يأت بما غل }4 .
وقوله تعالى : { إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد
إيمانكم كافرين }5 .
وقوله تعالى : { من يعمل سوءا يجز به }6 .
2 ـ وقد يأتي فعل الشرط مضارعا وفعله ماضيا .
نحو قوله تعالى : { لو نشأ لجعلناه حطاما }7 .
ــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 56 الصافات . 2 ــ 7 إبراهيم .
3 ــ 116 الشعراء . 4 ــ 161 آل عمران .
5 ــ 100 آل عمران . 6 ــ 123 النساء .
7 ــ 65 الواقعة .
وقوله تعالى : { فأينما تولوا فثم وجه الله }1 .
3 ـ قد يأتي فعل الشرط ماضيا وجوابه ماضيا .
نحو : إن ادخرتم ادخرتم لمستقبلكم .
ومنه قوله تعالى : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم }2 .
وقوله تعالى : { إن شاء جعل لكم خيرا }3 .
4 ـ وقد يأتي فعل الشرط ماضيا وجوابه مضارعا .
نحو : حيثما أقمت تجد أصدقاء .
ومنه قوله تعالى : { من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه }4 .
وقوله تعالى : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم }5 .
يتضح من هذا العرض السريع لصور فعل الشرط وجوابه ، أن جواب الشرط ـ وهو
موضع حديثنا ـ قد جاء أفعالا ، إما مضارعة ، وإما ماضية ، وأن هذه الأفعال تصلح
دائما أن تكون جوابا للشرط ، للأسباب الآتية : ـ
1 ـ إنها أفعال مشتقة غير جامدة .
2 ـ لم تكن أفعالا طلبية ، أمرا ، أو نهيا ، أو استفهاما .
3 ـ لم تكن أفعالا منفية بما ، أو لن .
4 ـ لم تكن أفعالا مسبوقة ببعض الحروف التي تخرجها عن مجال عملها الصحيح
، كالسين ، وسوف ، ولن .
5 ــ لم تكن جملا اسمية .
وبعد هذه التوطئة الضرورية نعود إلى موضوعنا الأساس ، وهو اقتران جواب
الشرط بالفاء ، بعد أن عرفنا متي يكون جواب الشرط صالحا للشرط ، ومتى لا يكون
صالحا له . وعندما لا يكون جواب الشرط صالحا لأن يكون
ـــــــــــــــــــــــ
1 ــ 115 البقرة . 2 ــ 7 الإسراء .
3 ــ 10 الفرقان . 4 ــ 20 الشورى .
5 ــ 15 هود .
جوابا للشرط ، وتدخل عليه الأداة وتجزمه يجب اقترانه بالفاء ما عدا
الأفعال الماضية التي لم يرد ذكرها في لقائمة السابقة ، وحينئذ تكون جملة جواب
الشرط بما فيها الفاء في محل جزم بأداة الشرط الجازمة ، والفاء حرف يدل على
السببية ، ووظيفتها الربط بين الشرط وجوابه .
وإليك أخي الدارس بعض الأمثلة والشواهد على اقتران جواب الشرط بالفاء :
ـ
1 ـ يجب اقتران جواب الشرط بالفاء إذا كان جواب الشرط جملة اسمية .
نحو : إن تدرس فالنجاح حليفك .
ومنه قوله تعالى : { من يهد الله فهو المهتدي }1 .
وقوله تعالى : { من جاء بالحسنة فله خير منها }2 .
وقوله تعالى : { وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون
}3 .
وقوله تعالى : { إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل }4 .
وقوله تعالى : { من يضلل الله فلا هادي له }5 .
ومنه قول الشاعر :
إن كان عادكمُ عيد فربَّ فتى
بالشوق قد عاده من ذكركم حزن
الشاهد : فربَّ ، وقد دخلت الفاء عليها باعتبارها حرف شبيه بالزائد لا
يدخل إلا على الأسماء .
2 ـ إذا كان الجواب جملة فعلية فعلها جامد ، والفعل الجامد هو ما كان
دائما على صورة الماضي ، فلا يؤخذ منه مضارع ، ولا أمر ، ومنه : نعم ، وبئس ، وعسى
، وليس . نحو : إن تحضر فنعم بحضورك .
ومنه قوله تعالى : { إن تبدوا الصدقات فنعما هي }6 .
وقوله تعالى : { فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين
}7 .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 178 الأعراف . 2 ــ 89 النمل .
3 ــ 39 الروم . 4 ــ 37 النحل .
5 ــ 186 الأعراف . 6 ــ 271 البقرة . 7 ــ 67 القصص .
وقوله تعالى : { فإن أكرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا }1 .
وقوله تعالى : { ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء }2 .
3 ـ إذا كان الجواب جملة فعلية طلبية ، أمرا ، أو نهيا ، أو استفهاما .
نحو : متى تقرأ القرآن فاقرأه بتدبر .
ونحو : إن ترد الأجر فلا تهمل العمل .
ونحو : أيان نزرك فهل تكن موجودا ؟
ومنه قوله تعالى : { من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة
فليمدد بسبب إلى السماء }3 .
وقوله تعالى : { يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه }4 .
وقوله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني }5 .
وقوله تعالى : { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا }6 .
وقوله تعالى : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول }7 .
ومثال النهي : من يتوانى عن فعل الخير فلا تنتظر له نجاحا .
ومنه قوله تعالى : { قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني }8 .
ومثال الاستفهام : متى تسافر فهل تأخذ معك متاعا .
ومنه قوله تعالى : { وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده }9 .
4 ـ إذا كان جواب الشرط جملة فعلية فعلها منفي بـ " ما ، أو لن ، أو لا
" .
نحو : من يرد أن يتعرف على الدين فما يعوزه الدليل .
ــــــــــــــــــــــ
1 ــ 19 النساء . 2 ــ 28 آل عمران .
3 ــ 178 الأعراف . 4 ــ 41 المائدة .
5 ــ 31 آل عمران . 6 ــ 75 مريم .
7 ــ 59 النساء . 8 ــ 76 الكهف .
9 ــ 160 آل عمران .
ومنه قوله تعالى : { إن توليتم فما سألتكم من أجر }1 .
وقوله تعالى : { ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا }2 .
وقوله تعالى : { إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير }3 .
ونحو : من يعتذر فلن نقبل عذره .
ومنه قوله تعالى : { ومن يضلل فلن تجد له أولياء من دونه }4 .
وقوله تعالى : { ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا }5 .
وقوله تعالى : { ومن يضلل فلن يجد له وليا مرشدا }6 .
وقوله تعالى : { إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم }7 .
ونحو : من يقصر فلا يلومنَّ إلا نفسه .
ومنه قوله تعالى : { من يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا }8 .
وقوله تعالى : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره }9 .
وقوله تعالى : { فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى }10 .
وقوله تعالى : { ومن كفر فلا يحزنك كفره }11 .
وقوله تعالى : { فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله }12 .
5 ـ إذا كان الجواب جملة فعلية مسبوقة بـ " قد ، أو السين ، أو سوف " .
نحو : من يتفوق فقد يفوز بالجائزة .
ومنه قوله تعالى : { ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما }13 .
ــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 72 يونس . 2 ــ 80 النساء .
3 ــ 63 هود . 4 ــ 97 الإسراء .
5 ــ 144 آل عمران . 6 ــ 17 الكهف .
7 ــ 80 التوبة . 8 ــ 13 الجن .
9 ــ 230 البقرة .10 ــ 123 طه .
11 ــ 23 لقمان . 12 ــ 136 الأنفال .
13 ــ 48 النساء .
وقوله تعالى : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح }1 .
وقوله تعالى : { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما }2 .
وقوله تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله }3 .
ومثال السين : من يفعل الخير فسيجده عن الله .
ومنه قوله تعالى : { ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما }4
.
وقوله تعالى : { فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا فسيدخلهم في رحمة من
}5 .
ومثال سوف : متى تفز فسوف تنال جائزة .
ومنه قوله تعالى : { وإن خفتم عليه فسوف يغنيكم الله من فضله }6 .
وقوله تعالى : { ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا }7 .
وقوله تعالى : { فإن استقر مكانه فسوف تراني }8 .
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 19 الأنفال . 2 ــ 4 التحريم .
3 ــ 80 النساء . 4 ــ 10 الفتح .
5 ــ 175 النساء . 6 ــ 28 التوبة .
7 ــ 30 النساء . 8 ــ 143 الأعراف .
فوائد وتنبيهات : ـ
1 ـ يجب أن تكون جملة فعل الشرط جملة فعلية ، ولا يصح أن تكون غير ذلك .
نحو : من يفعلْ ... ، إن تدرسْ ... ، ما تعملْ ... ، متى تسافرْ ... أين
تقمْ .
أما جملة جواب الشرط فالصحيح أن تكون فعلية ، ولكنها قد تأتي جملة اسمية
، وعندئذ لا تصلح أن تكون جوابا للشرط واقعا عليها عمل الأداة ، بل تكون الجملة
والفاء المقترنة بها في محل جزم جواب الشرط ، وذلك كما مر معنا في مواضع اقتران
جواب الشرط بالفاء .
2 ـ إذا جاء فعل الشرط ، أو جوابه ماضيا فإن عمل أداة الشرط لا يقع عليه
مباشرة كما هو الحال في جواب الشرط الجملة الاسمية ، ولكن عمل الأداة فيه يكون
تقديريا . أي : تكون جملة جواب الشرط في محل جزم .
3 ـ إذا جاء بعد جواب الشرط المجزوم فعل مضارع مقرون بالفاء ، أو مسبوق
بالواو ، جاز فيه الجزم عطفا على الجواب ، وجاز فيه الرفع على الاستئناف ، كما جاز
فيه النصب على إضمار " أنْ " المصدرية الناصبة .
نحو : إن تدرس جيدا تنجح في الامتحان فيفرح بك والداك .
فيجوز في " فيفرح " الأوجه الثلاثة التي ذكرنا سابقا .
ومنه قوله تعالى :
{ وإن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب
من يشاء }1 .
ومثال العطف بالواو : متى تحضر نكرمك وتقم عندنا يوما أو بعض يوم .
ويقال هذا في الفعل المضارع المتوسط بين الشرط وجوابه ، واتصلت به الفاء
، أو الواو . نحو : من يجتهد فيسر به والداه ينجح .
أو : من يجتهد ويسر به والداه ينجح .
فيجوز في الفعل " فيسر " الجزم عطفا على فعل الشرط ، أو النصب بأن
المصدرية
ـــــــــــــــ
1 ــ 284 البقرة .
المضمرة وجوبا بعد فاء السببية ، أو الرفع على الاستئناف .
4 ـ يجوز أن تحل " إذا " الفجائية محل " فاء " السببية في الربط بين
جملتي فعل الشرط وجوابه ، ولا يتأتى ذلك إلا بالشروط الآتية : ـ
أ ـ أن يكون جواب الشرط جملة اسمية .
ب ـ ألا تكون الجملة الاسمية منفية ، أو مؤكدة بـ " أنَّ " المشبهة
بالفعل .
ومثال حلول " إذا " الفجائية محل الفاء قوله تعالى : { فلما نجاهم إذا
هم يبغون }1 .
ومنه قوله تعالى : { وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون }2 .
وقوله تعالى : { فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون }3 .
فجواب الشرط في الشواهد السابقة عبارة عن جملة اسمية غير منفية ، ولم
تسبقها أنَّ المشبهة بالفعل لذلك جاز أن تحل " إذا " الفجائية محل " الفاء " .
5 ـ تعرب جملة جواب الشرط الواقعة بعد أدوات الشرط الظرفية ، في محل جر
مضاف إليه . أما جملة جواب الشرط فلا محل لها من الإعراب ، إلا إذا اتصلت بالفاء
فتعرب في محل جزم بأداة الشرط .
6 ـ إذا جاء فعلي شرط متواليين بأداتيهما ، وبدون عاطف للثاني على الأول
، فإن جواب الشرط للأداة الأولى .
كقوله تعالى : ( إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو
ربكم )4 .
ومنه قول الشاعر : بلا نسبة .
إن تستغيثوا بنا ، إن تُذعروا
تجدوا منا معاقل عزٍّ زانها كرم
فالجواب " تجدوا " ، وهو جواب للشرط الأول : أن تستغيثوا ، لأنه صاحب
الصدارة في الكلام ، وهو أولى بالجواب من الشرط الثاني ، ولأن الشرط الثاني : إمَّا
جاء به الشاعر للتوكيد ، أو ليبين سبب الاستغاثة وهو الذعر .
أما إذا كان التوالي بين فعلى الشرط بحرف " الواو " ، أو بـ " أو " ، أو
بـ " الفاء " كون القول كالتالي :
ــــــــــــــــــــــ
1 ــ 23 يونس . 2 ــ 36 الروم .
3 ــ 48 الروم . 4 ـ 34 هود .
أ ـ إذا عطف فعل شرط بأداته على فعل شرط آخر بأداته ، وكان حرف العطف هو
" الواو " ، يكون الجواب للفعلين معا ، لأن الواو تفيد الجمع .
نحو : من يستيقظ مبكرا ومن يؤد واجبه بنشاط يفز بالأجر .
ب ـ إذا كان العطف بينهما بـ " أو " ، الجواب لأحدهما ، لأن أو تفيد
التخيير .
نحو : إن تشترك في إعداد الصحيفة ، أو إن تتفوق في الامتحان تنل جائزة .
فالجواب : تنل جائزة ، يكون لأي الفعلين شئت .
ج ـ وإذا كان التوالي عطفا بحرف " الفاء " يكون جواب الشرط للفعل الثاني
، لأن الفاء تفيد مع العطف الترتيب .
نحو : متى تبذل جهدك ، فإن تجتهد تنجح في الامتحان .
فالجواب : تنجح ، يكون جوابا لفعل الشرط الثاني ، لأن الفاء تفيد
الترتيب .
7 ـ لقد ذكر كثير من النحاة أن " كيف " أداة شرط جازمة بشرط اقترانها بـ
" ما " الزائدة كما أوضحنا سابقا ، وقد ذكرها البعض بأنها شرطية غير جازمة ، ويأتي
الفعل بعدها مرفوعا شرطا وجوابا إذا كان مضارعا ، ولكن أكثر كتب النحو القديمة لم
تذكر أن " كيف " سواء اتصل بها " ما " أم لم تتصل أنها من أدوات الشرط مطلقا جازمة
، أو غير جازمة .
ونذكر على سبيل المثال بعضا من أقوال النحاة :
لم يذكرها ابن الحاجب ضمن
أدوات الشرط ، وإنما اكتفى بالتعليق عليها بقوله : " والكوفيون يجيزون جزم الشرط
والجواب بكيف وكيفما قياسا ، ولا يجيزه البصريون إلا شذوذا " (1) .
ويقول سيبويه وكثير : " يجازي بها معنى لا عملا ، ويجب أن يكون فعليها
متفقّي اللفظ والمعنى . نحو : كيف تصنع أصنع .
ولا يجوز كيف تجلس أذهب . باتفاق .
ــــــــــ
1 ــ الكافية لابن الحاجب ج2 ، ص 117 .
ويستطرد سيبويه فيقول : سألت الخليل عن قوله : كيف تصنع أصنع ـ بجزم
الفعلين ـ فقال : هي مستكرهة وليست من حروف الجزاء ، مخرجها مخرج المجازاة
يعني في نحو قولهم : كيف تكون أكون لأن فيها معنى العموم الذي يعتبر في كلمات
الشرط " (1) .
وفي شرح المفصل لم يذكرها ابن يعش في باب أدوات الشرط (2) .
ولم يذكرها ابن هشام في قطر الندى (3) ، ولا في شذور الذهب (4) .
كما لم يذكرها شراح الألفية على كثرتهم انظر (5 ، 6 ، 7 ، 8 ) .
ولم يذكرها أيضا ابن معط في ألفيته (9) .
ولم يذكرها الخليل بن أحمد في مفصله ضمن الجوازم (10) .
ونقول وبالله التوفيق : إن " كيف " إذا اتصل بها " ما " الزائدة يمكن
التفريق بينها وبين " كيف " الاستفهامية الحالية ، وحينئذ تؤدي عمل أدوات الشرط من
تعليق الجواب على الشرط ، سواء أكانت عاملة الجزم في الفعل المضارع ، أم لم تعمل
لأفادتها معنى العموم والمجازاة ، والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ انظر الكتاب لسيبويه ج3 ص 60 الطبعة الثالثة 1983 تحيق وشرح عبد
السلام هارون .
وانظر همع الهوامع للسيوطي ج2 ص453 .
2 ــ شرح المفصل لبن يعش ج7 ، ص 40 .
3 ــ قطر الندى لابن هشام ص 85 .
4 ــ شذور الذهب لابن هشام ص 334 .
5 ــ شرح الاشموني ج3 ، ص 583 .
6 ــ شرح ابن الناظم ص 693 .
7 ــ شرح ابن عقيل ج2 ، ص 365 .
8 ــ أوضح المسالك على شرح الألفية ج3 ، ص 189 .
9 ـ انظر ألفية ابن معط ج 1 ص 319 .
10 ـ انظر المفصل للخليل بن أحمد الفراهيدي ص 252 .
للاستزادة من أسلوب الشرط انقر هنا
|