اللغة العربية  :: لغة القرآن الكريم

موقع الدكتور / مسعد محمد زياد        رحمة الله
اتصل بنا الكتب السيرة الذاتية الرئيسية

المجرورات

 

أولا ـ المجرور بحرف الجر :

 

تعريف حرف الجر :

       يعرف أكثر النحاة المتقدمين حرف الجر بأنه : ما دل على معنى في غيره ، أي بارتباطه مع غيره من الكلام . والواقع أن الحروف عموما ، ومنها حرف الجر تدل على معان سواء ارتبطت بغيها ، أم لم ترتبط ، وقد أوضحنا ذلك مفصلا في باب الأحرف . والدليل على أن  كثيرا من أحرف الجر يفاد منها المعنى المطلوب سواء أكانت ابتداء ، أم تبعيضا ، مثل " من " ، أو غاية مثل " إلى ، وحتى " ، وهناك أيضا بعض التراكيب في اللغة العربية دليل على أن حرف الجر يفيد معنى في ذاته ، ومنه قولهم : " رغبت في " ، فحرف الجر " في " هو الذي حدد المعنى المراد في التركيب السابق ، وهو الرغبة في الشيء ، وقولهم : " رغبت عن " نجد أن حرف الجر عن هو الذي حدد عدم الرغبة في الشيء .

 

علة تسمية الجار والمجرور بشبه الجملة ، وضرورة تعلقه بغيره : ـ

      إن الجار والمجرور ، وكذلك الظرف ـ سبق الحديث ـ يسمى في اللغة   العربية ، وفي غيرها من اللغات الأخرى بشبه الجملة ، وأن هذه التسمية تعود لأسباب أهمها : أن الجار والمجرور لا يؤديان في الكلام إلى معنى مستقل ، ولكن هذا المعنى الذي يؤديانه يكون فرعيا ، لذلك تكون الجملة ناقصة ، ولنقصانها أطلق عليها شبه جملة ، أي : جملة غير مكتملة لأداء المعنى ، كما أن الجار والمجرور ينوبان في الأغلب الأعم عن الجملة وينتقل إليهما ضمير متعلقهما .

فعندما نقول : محمد في المدرسة .

      يستفاد من ذلك : أن محمدا استقر في المدرسة ، فيكون الجار والمجرور قد ناب عن الخبر المحذوف ، وهو الفعل " استقر " وفاعله . وكذلك الحال بالنسبة للضمير المستتر في الفعل قد انتقل مضمرا أيضا إلى الجار والمجرور .

     ومعنى أن الجار والمجرور لا بد أن يكون متعلقا ، لأنه ــ كما ذكرنا ــ لا يؤدي معنى كاملا في الجملة ، ولكن المعنى الذي يؤديه يكون فرعيا متمما للمعنى الذي يؤديه الفعل ، أو شبهه ، وهذا يعني أن الجار والمجرور يرتبط بمعنى الفعل ، أي يتعلق به . نحو : ذهب الطالب إلى المدرسة .

فالجار والمجرور تعلقا بالفعل " ذهب " ، أي أن شبه الجملة قد ارتبط بالحدث الذي دل عليه الفعل . لأن قولنا : ذهب الطالب . معنى أدته الجملة تأدية كاملة ، للدلالة على الحدث والزمن في آن واحد ، ولكن زيادة شبه الجملة " إلى المدرسة " معناه زيادة معنى فرعي إلى معنى الجملة السابقة ، وهذا المعنى الفرعي الذي حدد المكان الذي ذهب إليه الطالب لا بد أن يرتبط مع ما سبقه في الحدث الذي يدل عليه الفعل وكذلك المكان ، أو الحيز الذي أفده الاسم المجرور . ومن هنا نقول " إلى المدرسة " جار ومجرور متعلقان بالفعل " ذهب " ، أو شبه الجملة متعلق بالفعل " ذهب " .

وكذلك الحال إذا قلنا : الفلاح في الحقل . فالجار والمجرور ، أي شبه الجملة قد تعلق بمحذوف خبر للمبتدأ الذي هو " الفلاح " ، والجار والمجرور ليس في الأصل بالخبر ، لأنه لا بد من تعلقهما بما يدل على الحدث الذي أفاده المبتدأ . كما أوضحنا في الفعل .

وتقدير الخبر الذي تعلق به الجار والمجرور هو : كائن ، أو مستقر ، أو الفلاح كان ، أو استقر في الحقل .

ومما سبق يتضح أن شبه الجملة يتعلق بالفعل ، كما أنه يتعلق بما يشبه الفعل ، أي من كل كلمة تدل على حدث ، ومما تتعلق به شبه الجملة غير الفعل الآتي : ـ

1 ـ اسم الفعل . نحو : أف للغادر . للغادر جار ومجرور متعلقان باسم الفعل " أف ".

2 ـ اسم الفاعل . نحو : أنا مسافر على متن الطائرة .

" على متن " جار ومجرور متعلقان باسم الفاعل " مسافر " .

3 ـ المصدر . نحو : أفضل القراءة في الصباح .

" في الصباح " جار ومجرور " شبه جملة " متعلقان بالمصدر " قراءة " .

4 ـ الصفة المشبهة . نحو : محمد شجاع في قول الحق .

" في قول " جار ومجرور متعلقان بالصفة المشبهة " شجاع " .

5 ـ بصيغة المبالغة . نحو : أنت حمال للضر .

1 ـ ومنه قوله تعالى : { فعال لما يريد }1 .

" لما " جار ومجرور متعلقان بصيغة المبالغة " فعال " .

6 ـ ويتعلق بالاسم الجامد المؤول بالمشتق .

نحو : أنت كالأسد في الشجاعة .

ومنه قول الشاعر :

      أنت كالكلب في الوفاء     وكالتيس في مقارعة الخصوم

الشاهد قوله : في الوفاء ، وفي مقارعة . فكل من الجار والمجرور قد تعلق بالاسم الجامد المؤول بالمشتق وهو : الكلب في صدر البيت لأنه بمعنى " أمين " ، والتيس في عجز البيت لأنه بمعنى " مقدام أو شجاع .

ــــــــــ

1 ـ 16 البروج .

 

أقسام الجار والمجرور :

     تنقسم أحرف الجر من حيث العمل في الظاهر والمضمر إلى قسمين : ـ

أولا ـ ما يعمل في الظاهر ، والمضمر على حد سواء وهو : من ، إلى ، عن ،  على ، في ، اللام ، الباء ، خلا ، عدا ، وحاشا .

مثال الاسم الظاهر : خرجت من المسجد .

2 ـ ومنه قوله تعالى : { وأعرض عن المشركين } 1 .

ومثال الضمير : أخذت منه القلم .

3 ـ ومنه قوله تعالى : { وهو الذي أنزل إليكم الكتاب } 2 .

وقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منا }3 .

ثانيا ـ ما يختص بالاسم الظاهر : ربَّ ، مذ ، منذ ، حتى ، الكاف ، واو القسم ، تاء القسم ، كي . نحو : رب ضارة نافعة . سأنتظرك مذ اللحظة .

 

أقسام حروف الجر من حيث الأصالة ، والزيادة : ـ

تنقسم أحرف الجر إلى ثلاثة أقسام على النحو التالي : ـ

1 ـ حروف جر أصلية :

      هي التي تضيف المعنى الفرعي إلى ركني الجملة كما أوضحنا سابقا ، ولا بد من تعلقه . نحو : جلس محمد في البيت .

في البيت جار ومجرور متعلقان بالفعل " جلس " .

2 ـ حروف جر زائدة :

      هي التي لا تضيف معنى فرعيا إلى ركني الجملة ، ولكنها تساعد على ربط

ـــــــــــــــ

1 ـ 106 الأنعام . 2 ـ 114 الأنعام .

3 ـ 39 النور .

الجملة وتقويتها ، ولا تتعلق البتة . نحو : ما التقيت بأحد .

بأحد : الباء حرف جر زائد ، وأحد مفعول به ، مجرور لفظا منصوب محلا . أو منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الحر الزائد .

4 ـ ومنه قوله تعالى : { لست عليهم بمسيطر }1 .

5 ـ وقوله تعالى : { وكفى بالله شهيدا }2 .

وحروف الجر التي تستعمل أصلية وزائدة هي : من ، الباء ، الكاف ، واللام .

3 ـ حروف جر شبيه بالزائد : وهي الحروف التي تضيف للجملة معنى جديدا ، ولكنها لا تتعلق بها . ولا يوجد حروف جر شبيهة بالزائدة إلا " ربَّ " .

نحو : رب قول أحسن من عمل .

رب : حرف جر شبيه بالزائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .

قول : مبتدأ مرفوع الضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد .

أحسن : خبر مرفوع بالضمة . من عمل : جار ومجرور متعلقان بـ : أحسن " .

 

معاني حروف الجر : ـ

     حروف الجر واحد وعشرون حرفا ، منها ما يدخل في باب الحرف ، ومنها ما يدخل في باب الفعل ، ومنها ما هو شاذ في عمله ، وبعضها لا يجر إلا بشروط ، وقد أشرنا لكل منها في باب الحرف ، ويهمنا في هذا المقام أن نتحدث عن حروف الجر التي تعمل بلا قيد ولا شرط ، وبدون تكلف ، وهذا منهجنا في هذه الموسوعة ، وعيه تكون حروف الجر العاملة في اللغة العربية ، والتي في متناول الدارس أربعة عشر حرفا ممثلة في الآتي :

ــــــــــــــــ

1 ـ 22 الغاشية . 2 ـ 79 النساء .

 

من ، عن ، على ، في ، إلى ، مذ ، منذ ، رب ، الكاف ، اللام ، التاء ، الباء ،   الواو ، وحتى . وإليك معانيها مفصلة .

أولا ـ من : تأتي لكثير من المعاني : 

1 ـ لابتداء الغاية في الأمكنة ، والأزمنة .

ابتداء الغاية في الأمكنة . نحو : خرج المصلون من المسجد .

6 ـ ومنه قوله تعالى : { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى }1 .

وقوله تعالى : { فأنزلنا من السماء ماء }2 .

وابتداء الغاية في الأزمنة وهو قليل . نحو : انتظرتك من الصباح حتى الظهيرة .

ومنه قوله تعالى : { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم }3 .

فـ " من " في المجموعة الأولى جر جرَّ أسماء مكانية وهي كلمة : المسجد ، في  المثال ، وفي الآية ، وذلك يعني ابتداء الغاية في تلك الأمكنة .

وفي المجموعة الثانية قد جرت أسماء زمانية وهي كلمة : الصباح ، وكلمة أول ، في كل من المثال ، والآية ، ومعنى " في " في هذه المجموعة يدل على ابتداء الغاية في تلك الأزمنة .

2 ـ تأتي للتبعيض ، وهو اقتطاع جزء من كل . نحو : أكلت من الطعام ، وأنفقت من المال .

7 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى تنفقوا مما تحبون } 4 .

وقوله تعالى : { وبما أنفقوا من أموالهم }5 .

      والدليل على اعتبار " من " تبعيضية فقد قرئت الآية { حتى تنفقوا مما تحبون } في بعض القراءات { حتى تنفقوا بعض ما تحبون } ، لأن من علامات ذلك أن تخلف

ـــــــــــــــ

1 ـ 1 الإسراء . 2 ـ 22 الحجر .

3 ـ 108 التوبة . 4 ـ 92  آل عمران .

 

 " من " كلمة " بعض " .

ومنه قوله تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله }5 .

3 ـ لبيان الجنس : نحو : له عمامة من حرير . واشتريت ثوبا من قطن .

8 ـ ومنه قوله تعالى : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان }1 .

وغالبا ما تأتي " من " التي تفيد التبعيض بعد " ما ، ومهما " لفرط إبهامهما ، وعلامة ذلك يصح أن يخلفها اسم الموصول .

9 ـ نحو قوله تعالى : { ما يفتح الله للناس من رحمة } 2 .

وقوله تعالى : { مهما تأتنا به من آية }3 .

وقوله تعالى : { من أساور من ذهب }4 .

4 ـ تأتي " من " للتعليل . نحو : جزع من الخوف ، وأرهق من العمل .

10 ـ ومنه قوله تعالى : { مما خطيئاتهم أغرقوا }5 .

وقوله تعالى : { كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة }6 .

وقوله تعالى : ر وأخواتكم من الرضاعة }7 .

5 ـ تأتي بمعنى البدل . نحو : قبلت بالغث من السمين .

11 ـ ومنه قوله تعالى : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة }8 .

والمعنى أن الله يخاطب المؤمنين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، ويعاتبهم ، ويوبخهم على هذا التخلف ، فهم قد رضوا بنعيم الدنيا ومتاعها الفاني بدل نعيم الآخرة ، وثوابها الباقي (9) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 33 النساء . 2 ـ 30 الحج . 3 ـ 2 فاطر .

4 ـ 132 الأعراف . 5 ـ 31 الكهف . 6 ـ 25 نوح .

 7 ـ 50 ، 51 المدثر . 8 ـ 22 النساء . 9 ـ 38 التوبة .

10 ـ تفسير ابن كثير ج2 ص 35 . وصفوة التفاسير لمحمد الصابوني ج1 ص535 .

 

6 ـ للتأكيد . وهي من الزائدة ، بشرط أن يكون مجرورها :

أ ـ نكرة . ب ـ أن يسبقها نفي ، أو نهي ، أو استفهام بـ " هل " .

ويكون مجرورها النكرة فاعلا . نحو : لا يبخل من معلم بعلمه . هل تأخر من أحد ؟

12 ـ ومنه قوله تعالى : { ما يأتيهم من ذكر }1 .

أو مفعولا به . نحو  : لم أر من زائر . هل أهملت من واجب .

13 ـ ومنه قوله تعالى : {  هل تحسبن منهم من أحد }2 .

وقوله تعالى : { هل ترى من فطور }3 .

وقوله تعالى : { وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون }4 .

أو يكون مبتدأ . نحو : ليس للمهمل من منزلة . وما للسارق من أمان .

14 ـ ومنه قوله تعالى : { هل من خالق غير الله }5 .

وقوله تعالى : { وما له في الآخرة من خلاق }6 .

أو مفعولا مطلقا . نحو : ما أحسن إنسان من إحسان إلا أثابه الله .

7 ـ تأتي " من " بمعنى " في " نحو : سأرحل من أول الشهر .

والمعنى : في أول الشهر .

15 ـ ومنه قوله تعالى : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة }7 .

وقوله تعالى : { ماذا خلقوا من الأرض }8 .

8 ـ وتأتي بمعنى " إلى " . نحو : اقترب منك . أي إليك .

9 ـ تأتي بمعنى " الباء " . نحو : أمسكته من يده . أي : بيده .

16 ـ ومنه قوله تعالى : { ينظرون من طرف خفي }9 .

ـــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 2 الأنبياء . 2 ـ 98 مريم . 3 ـ 3 الملك .

4 ـ 208 النمل .5 ـ 3 فاطر . 6 ـ 200 البقرة .

7 ـ  9 الجمعة . 8 ـ 40 فاطر . 9 ـ 45 الشورى .

 

10 ـ وبمعنى " عن " . نحو : لا تبتعد من هذا المكان . أي : عن هذا المكان .

17 ـ ومنه قوله تعالى : { يا ويلتنا قد كنا في غفلة من هذا }1 .

11 ـ وبمعنى " على " . نحو : لعل الله ينصفنا من الظلم . والتقدير : على الظلم .

18 ـ ومنه قوله تعالى : { ونصرناه من القوم الذين كذبوا }2 .

ثانيا ـ " عن " ، تأتي لعدة معان :

1 ـ تكون للمجاورة . نحو : رحلت عن المدينة . ورغبت عن ودك . ورميت عن القوس .

2 ـ بمعنى البدل . نحو : قم عنب بهذا الأمر .

19 ـ ومنه قوله تعالى : { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا }3 .

3 ـ بمعنى " بَعْدَ " . نحو : سحابة صيف عن قريب تقشع . أي : بعد قريب .

20 ـ ومنه قوله تعالى : { طبقا عن طبق }4 .

وقوله تعالى : { عما قليل ليصبحن نادمين }5 .

4 ـ وتأتي للتعليل 21 ـ نحو قوله تعالى : { وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك }6 .

وقوله تعالى : { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه }7 .

5 ـ بمعنى " على " . إذا رضيتم عني فلم أترككم .

22 ـ ومنه قوله تعالى : { فإنما يبخل عن نفسه }8 .

وقوله تعالى : { وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله }9 .

6 ـ وبمعنى " من " :23 ـ  كقوله تعالى : { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده }10 .

ــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 97 الأنبياء . 2 ـ 77 الأنبياء . 3 ـ 23 البقرة .

 4 ـ 19 الانشقاق . 5 ـ 40 المؤمنون . 6 ـ 53 هود .

7 ـ 115 التوبة . 8 ـ 38 محمد . 9 ـ 8 الطلاق .

10 ـ 105 التوبة .

 

وقوله تعالى : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا }1 .

ثالثا ـ " على " ، تأتي لمعان أهمها :

1 ـ تأتي للاستعلاء الحسي . نحو : ركبت على الفرس ، ووضعت الكتاب على المنضدة . 24 ـ ومنه قوله تعالى : { على الأرائك ينظرون }2 .

وقوله تعالى : { وعلى الفلك تحملون }3 .

وللاستعلاء المعنوي . نحو : كنا على علم بقدومك .

25 ـ ومنه قوله تعالى : { فضلنا بعضهم على بعض }4 .

وقوله تعالى : { فأنزل الله سكينته على رسوله }5 .

2 ـ تأتي بمعنى المصاحبة .

26 ـ نحو قوله تعالى : { وآتي المال على حبه }6 .

وقوله تعالى : { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم }7 .

3 ـ تأتي بمعنى الظرفية ، أي بمعنى ( في ) . نحو قولهم : أخذه على حين غرة .

27 ـ ومنه قوله تعالى : { أفتمارونه على ما يرى }8 .

4 ـ تأتي للتعليل .

28 ـ نحو قوله تعالى : { ولتكبروا الله على ما هداكم }9 .

5 ـ تأتي بمعنى الاستدراك . نحو : لم يحالفني الحظ على أنني لم أيأس .

واذهب إلى الحفل على أن تعود مبكرا .

ــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 16 الأحقاف . 2 ـ 23 المطففين .

3 ـ 22 المؤمنون . 4 ـ 253 البقرة . 5 ـ 26 الفتح .

6 ـ 177 البقرة . 7 ـ 6 الرعد .

 8 ـ 12 النجم . 9 ـ 185 البقرة .

 

ومنه قول الشاعر :

       بكل تداوينا فلم يشف ما بنا      على أن قرب الدار خير من البعد

الشاهد قوله : " على أن " حيث استدرك بها حديثه في الشطر الأول من البيت .

6 ـ تتضمن على معنى ( عن ) . نحو : رضيت عنك .

2 ـ ومنه قول الشاعر :

        إذا غضبت عليَّ بنو نمير   حسبت الناس كلهم غضابا

7 ـ تتضمن معنى ( عن ) .

29 ـ نحو قوله تعالى : { إذا اكتالوا على الناس يستوفون }1 .

8 ـ وتتضمن معنى ( الباء ) . نحو : رميت على القوس .

والتقدير : مستعينا بها . ومنه قولهم : حريٌّ على أن تقول الصدق .

رابعا ـ " في " :

1 ـ  تأتي للظرف الحقيقي . نحو : في الإبريق ماء .

والطالب في المدرسة .

30 ـ ومنه قوله تعالى : { يوم ينفخ في الصور }2 .

وقوله تعالى : { إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض }3 .

كما تأتي للظرف المجازي . نحو : نظرت في الأمر .

31 ـ ومنه قوله تعالى : { ولكم في القصاص حياة }4 .

وقوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }5 .

2 ـ تأتي للتعليل . نحو : مات في مزاح . وقتل كليب في ناقة .

ومنه قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ " دخلت امرأة النار في هرة حبستها " .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ 2 المطففين .2 ـ 103 طه . 3 ـ 94 الكهف .

 4 ـ 179 البقرة . 5 ـ 21 الأحزاب .

 

32 ـ ومنه قوله تعالى : { لمسكم فيما أخذتم }1 .

3 ـ تأتي للمصاحبة . نحو : خرج الأمير في موكبه .

33 ـ ومنه قوله تعالى : { قال ادخلوا في أمم }2 .

4 ـ تأتي للمقايسة . نحو : ما ذنبنا في عفوك إلا هفوة .

34 ـ ومنه قوله تعالى : { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل }3 .

5 ـ تتضمن معنى ( على ) ، وتسمى " في " الاستعلائية .

35 ـ نحو قوله تعالى : { ولأصلبنكم في جذوع النخل }4 .

6 ـ تتضمن معنى " إلى " .

36 ـ نحو قوله تعالى : { فردوا أيديهم في أفواههم }5 .

7 ـ تتضمن معنى " الباء " . نحو : هو بصير في المسألة .

أنت خبير في شؤون الدولة .

3 ـ ومنه قول الشاعر :

        بصيرون في طعن الأباهر والكلى

والتقدير : بطعن الأباهر والكلى .

8 ـ وتتضمن معنى " من " .

4 ـ كقول الشاعر :

         وهل يَعِمنْ من كان أحدث عهده     تلاقين شهرا في ثلاثة أحوال

 

خامسا ـ " إلى " :

1 ـ تأتي لانتهاء الغاية المكانية ، والزمانية . نحو : ذهبت إلى المدرسة .

ـــــــــــــــــ

1 ـ 68 الأنفال . 2 ـ 38 الأعراف .

3 ـ 38 التوبة . 4 ـ 71 طه . 5 ـ 9 إبراهيم .

 

وصمت إلى العشاء .

37 ـ ومنه قوله تعالى { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى }1 .

ومثال انتهاء الغاية الزمانية :

38 ـ قوله تعالى { وأتموا الصيام إلى الليل }2 .

2 ـ تأتي للمصاحبة . نحو : جلست إلى الضيف .

39 ـ ومنه قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم }3 .

3 ـ تأتي بمعنى " عند " . وهي المبينة لفاعلية مجرورها ، لذلك يسميها النحاة

البينة ، لأنها تبين أن مصحوبها فاعل لما قبلها ، وذلك بعدما يفيد حبا ، أو بغضا من أفعل تعجب ، أو تفضيل . نحو : ما أبغض الخائن إلىَّ ، والمطالعة أحب إلىَّ من اللعب .

40 ـ ومنه قوله تعالى : { ربِّ السجن أحب إلىَّ }4 .

4 ـ وتضمن " إلى " معنى " في " نحو قوله تعالى : { ليجعلكم إلى يوم القيامة }5 .

وتضمن معنى " اللام " نحو : تركت الأمر إليك . أي : لك .

ويقال إن " إلى " في هذا المقام تكون لانتهاء الغاية . أي : الأمر منته إليك .

سادسا ـ حتى : تأتي لانتهاء الغاية . نحو : سرت حتى الكعبة .

ويلاحظ من ذلك أن ما بعد حتى لم يدخل في حكم ما قبلها إلا إذا دلت عليه القرينة .

نحو : بذلت مالي حتى آخر درهم في سبيل العلم .

41 ـ ومنه قوله تعالى : { سلام هي حتى مطلع الفجر }6 . 

ــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 1 الإسراء . 2 ـ 187 البقرة .

 3 ـ 2 النساء .4 ـ 33 يوسف .

5 ـ 87 النساء .6 ـ 5 الفجر .

 

سابعا ـ الكاف :

1 ـ تأتي للتشبيه ، وهذا هو الأصل في معانيها .

نحو : أنت شامخ كالطود . ومحمد كالأسد .

42 ـ ومنه قوله تعالى : { وردة كالدهان }1 .

2 ـ تأتي للتعليل .

43 ـ نحو قوله تعالى : { واذكروه كما هداكم }2 . أي : لهدايته إياكم .

3 ـ تأتي للتوكيد ، وهي الكاف الزائدة في الإعراب .

44 ـ نحو قوله تعالى : { ليس كمثله شيء }3 . والتقدير : ليس شيء مثله .

وتستعمل الكاف في التمثيل بما لا مثيل له . كأن تقول : " إن من الحروف ما لا يقبل الحركة كالألف " . ويقال لها كاف الاستقصاء .

4 ـ وتضمن الكاف معنى " على " وهي ما تعرف بكاف الاستعلاء . كأن تأتي الكاف في الإجابة على سؤال كالتالي : كيف أصبحت ؟ فتقول : كخير . أي : على خير .

ومنه قولهم : كن كما أنت . أي : ثابتا على ما أنت عليه .

 

ثامنا ـ اللام : للام معان كثيرة منها ما يمكن الاستفادة منه في الحياة العملية ، وما يرجوه طالب العلم ، ومنها ما هو نادر الاستعمال . وهنا سنذكر الاستعمالات التي

يمكن الاستفادة منها ، وهي كالتالي :

1 ـ تأتي للملك : نحو : المنزل لأخي . والكتاب للطالب .

45 ـ ومنه قوله تعالى : { لله ما في السموات والأرض }4 .

كما تأتي لشبه الملك ، وتعرف بلام الاختصاص . نحو : الفوز للمجتهدين .

ــــــــــــــــــ

1 ـ 37 الرحمن . 2 ـ 198 البقرة .

3 ـ 11 الشورى . 4 ـ 26 لقمان .

 

واللجام للفرس . 46 ـ ومنه قوله تعالى : { الحمد لله }1 .

وقوله تعالى : { ويل للمطففين }2 .

كما تعرف بلام الاستحقاق . نحو : الويل للناكثين . والنار للكافرين .

2 ـ تأتي للتعليل : نحو : هربت للخوف . وحضرت لزيارتك .

47 ـ ومنه قوله تعالى : { لتحكم بين الناس }3 .

ومنه قول الشاعر :

      وإني لتعروني لذكراك هزة     كما انتفض العصفور بلله القطر

3 ـ تأتي للصيرورة ، وتسمى لام العاقبة ، أو لام المآل .

48 ـ نحو قوله تعالى : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا }4 .

4 ـ تأتي للتوكيد ، وهي اللام الزائدة .

5 ـ كقول الشاعر :

        " ملكا أجار لمسلم ومعاهد "

5 ـ تأتي لتقوية العامل إذا ضعف . ويكون ضعف العامل للأسباب التالية :

أ ـ إما لكونه فرعا في العمل .

49 ـ نحو قوله تعالى : { مصدقا لما معهم }5 .

وقوله تعالى : ر فعال لما يريد }6 . وتكون اللام في هذه الحالة للتقوية .

ب ـ أو لتأخره عن المعمول .

50 ـ نحو قوله تعالى : { إن كنتم للرؤيا تعبرون }7 .  

ـــــــــــــــــــــــ

1 ـ 2 الفاتحة . 2 ـ 1 المطففين .

3 ـ 105 النساء . 4 ـ 8 القصص .

5 ـ 91 البقرة .

6 ـ 16 البروج . 7 ـ 43 يوسف .

 

وقوله تعالى : { للذين هم لربه يرهبون }1 .

6 ـ وتأتي للتعجب . نحو : لله دره رجلا ، ويا للفرح .

وتستعمل اللام في هذه الحالة مفتوحة بعد الياء .

7 ـ تأتي للتبليغ . نحو : قلت للرجل .

8 ـ تأتي للتعدية . وهي الواقعة بعد فعل تعجب ، أو تفضيل لتبين أن ما بعدها مفعول لما قبلها .

نحو : ما أجمع الرجل للمال .

9 ـ تأتي لانتهاء الغاية ، وهو قليل .

51 ـ نحو قوله تعالى : { كل شيء يجري لأجل مسمى }2 .

10 ـ تأتي للوقت ، وتسمى لام الوقت ، أو لام التاريخ . نحو : كتب الخطاب لغرة ربيع الأول .

أي : عند غرته .

11 ـ وتضمن معاني الحروف التالية :

أ ـ تضمن معنى " على " .

52 ـ نحو قوله تعالى : { يخرون للأذقان سجدا }3 .

أي : على الأذقان .

ب ـ تضمن نعنى " في " . نحو قولهم : مضى لسبيله .

53 ـ ومنه قوله تعالى : { ونضع الموازين القسط يوم القيامة }4 .

وقوله تعالى : { لا يجلبها لوقتها إلا هو }5 . 

وقوله تعالى : { إني جاعلك للناس إماما }6 .

ج ـ تضمن معنى " عن " .

54 ـ نحو قوله تعالى : { قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا }7 .

ـــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 154 الأعراف . 2 ـ 2 الرعد .

3 ـ 107 الإسراء . 4 ـ 47 الأنبياء .

5 ـ 187 الأعراف . 6 ـ 124 البقرة .

7 ـ 38 الأعراف .

 

 

تاسعا ـ " الباء " ، تشتمل الباء كحرف من حروف المعاني ، على معان كثيرة ، تتحدد من خلال استعمالها لربط الكلام ، وتكوين جملة مفيدة . ومن معانيها الآتي :

1 ـ تأتي للإلصاق الحقيقي والمجازي .

مثال الإلصاق الحقيقي : أمسكت بيده .

55 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى يأتنا بقربان }1 .

وقوله تعالى : { أيكم يأتني بعرشها }2 .

ومثال الإلصاق المجازي : مررت به .

56 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى يأتي الله بأمره }3.

وقوله تعالى : { فليأتكم برزق منه }4 .

تأتي بمعنى الاستعانة . أي استعنت بالشيء ، نحو : كتبت بالقلم .

57 ـ ومنه قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر }5 .

وقوله تعالى : ر قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا }6 .

3 ـ تأتي بمعنى التعدية . نحو : ذهبت بمحمد .

ومنه قوله تعالى : { ذهب الله  بنورهم }7 .

وقوله تعالى : { لو شاء الله لذهب بسمعهم }8 .

4 ـ تأتي للتعليل . نحو : قتل بذنبه . ومات بظلمه .

59 ـ ومنه قوله تعالى : { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم }9 .

وقوله تعالى : { فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم }10 .

ــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 183 آل عمران . 2 ـ 38 النمل .

3 ـ 109 البقرة .4 ـ 19 مريم .

5 ـ 153 البقرة . 6 ـ 127 الأعراف .

7 ـ 17 البقرة . 8 ـ 20 البقرة .

9 ـ 160 النساء . 10 ـ 13 المائدة .

 

5 ـ تأتي للسببية . 60 ـ نحو قوله تعالى : { أخذته العزة بالإثم }1 .

وقوله تعالى : { فأخذناهم بما كانوا يكسبون }2 .

6 ـ تضمن معنى " من " ، وتسمى باء التبعيض .

61 ـ نحو قوله تعالى : { عينا يشرب بها عباد الله }3 .

7 ـ تضمن معنى " على " ، وتسمى باء الاستعلاء .

62 ـ نحو قوله تعالى : { إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك }4 .

وقوله تعالى : { من إن تأمنه بقنطار }5 .

8 ـ تضمن معنى " في " ، وتسمى باء الظرفية .

63 ـ نحو قوله تعالى : { الذين تمنوا مكانه بالأمس }6 .

وقوله تعالى : { للذي ببكة }7 . وقوله تعالى : { فأصبحتم بنعمته إخوانا }8 .

وقوله تعالى : { وما كنت بجانب الغربي }9 .

وقوله تعالى : { نجيناهم بسحر }10 .

9 ـ وتضمن معنى " عن " .

64 ـ نحو قوله تعالى : { فاسأل به خبيرا }11 .

10 ـ تأتي للبدلية . نحو : ما يسرني أني اقتنيت المال بالعلم .

65 ـ ومنه قوله تعالى : { اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة }12 .

وقوله تعالى : { يشترون الحياة الدنيا بالآخرة }13 .

وقوله تعالى : { أن النفس بالنفس }14 .

ـــــــــــــــــــــ

1 ـ 206 البقرة . 2 ـ 96 الأعراف .

3 ـ 16 الإنسان . 4 ، 5 ـ 75 آل عمران .

6ـ 82 القصص . 7 ـ 96 آل عمران .

8 ـ 103 آل عمران . 9 ـ 44 القصص .

10 ـ 43 القمر . 11 ـ 59 الفرقان .

12 ـ 26 البقرة .13 ـ 73 النساء .

14 ـ 45 المائدة .

 

11 ـ تأتي للتأكيد ، وهي الباء الزائدة . نحو قوله تعالى : { كفى بالله شهيدا }1 .

وقوله تعالى : { وكفى بالله وكيلا }2 .

66 ـ وقوله تعالى : { وما نحن بمؤمنين }3 .

وقوله تعالى : { وامسحوا برؤوسكم }4 .

وقوله تعالى : وما أنتم بمعجزين في الأرض }5 .

وقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }6 .

12 ـ تأتي الباء بمعنى " مع " ، وتعرف بباء المصاحبة . نحو : بعتك الدار بأثاثها .

67 ـ ومنه قوله تعالى : { وقد دخلوا بالكفر }7 . أي : مع الكفر .

وقوله تعالى : { واختلط به نبات الأرض }8 .

وقوله تعالى : { ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }9 .

وقوله تعالى : { ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء }10 .

عاشرا ـ الواو ، والتاء : يكونان للقسم ، نحو : والله لأساعدن الضعيف .

وتالله لأحفظنَّ ودك . 68 ـ  ومنه قوله تعالى : { والقرآن ذي الذكر }11 .

وقوله تعالى : { والشمس وضحاها }12 . وقوله تعالى : { والليل إذا يغشى }13 .

69 ـ وقوله تعالى : { تالله إنك لفي ضلالك القديم }14 .

وقوله تعالى : { قال تالله إن كدت لتردين }15 .

وقوله تعالى : { قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف }16 .

ــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 79 النساء . 2 ـ 48 الأحزاب . 3 ـ 38 المؤمنون .

4 ـ 6 المائدة . 5 ـ 22 العنكبوت . 6 ـ 195 البقرة .

7 ـ 59 الفرقان . 8 ـ 24 يونس . 9 ـ 111 الكهف .

10 ـ 38 يونس . 11 ـ 1 ص . 12 ـ 1 الشمس .

13 ـ 1 الليل . 14 ـ 95 يوسف . 15 ـ 56 الصافات .

16 ـ 85 يوسف .

 

أحد عشر ـ مذ ومنذ : يكونان لابتداء الغاية بمعنى " من " ، إذا كان الزمان ماضيا .

نحو : ما حضرت إلى العمل مذ يومين ، أو منذ يومين .

ويكونان للظرفية ، إذا كان الزمان حاضرا ، وهما حينئذ بمعنى " في " .

نحو : ما رأيته مذ شهرنا ، أو منذ شهرنا .

وفي هذا المقام تفيد مذ ومنذ استغراق المدة ’

كما يأتيان بمعنى " من " ، و " إلى " معا إذا كان مجرورهما نكرة معدودا .

نحو : ما رأيتك مذ ثلاثة أيام ، أو منذ ثلاثة أيام .  

اثنا عشر ـ رب : تأتي للتقليل والتكثير ، ويدل على ذلك القرينة التي تعين أحدهما .

مثال التقليل :

6 ـ قول الشاعر :

       " ألا رب مولود ليس له أب " .

فالقرينة الدالة على أن ربَّ جاءت للتقليل هو : أن المولود الذي ليس له أب قليل ، بل يكاد ينحصر في سيدنا عيسى عليه السلام .

ومنه قولهم : ربَّ أخ لك لم تلده أمك .

ومثال التكثير : قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ياربَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القايمة . وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان : يا رب صائمه لن يصومه .

 

فوائد وتنبيهات :

أولا ـ كنت قد استبعد " كي " كحرف من حروف الجر ، لأنها لا تعمل إلا بشرط ، واستعمالها كحرف من حروف النصب أقرب إلى الفهم ، والذوق السليم ، ومع ذلك آثرت ذكرها هنا موضحا الشروط التي يجب أن تتوافر فيها كي تعمل الجر : ـ

1 ـ تختص " كي " بالدخول على " ما " الاستفهامية ، إذا جاءت حرفا من حروف الجر ، وتكون للتعليل ، بمعنى " اللام " . نحو : كيم فعلت هذا .

2 ـ تختص بالدخول على " أن " المصدرية وصلتها .

نحو : حضرت كي أبشرك بالنجاح . أي : لبشارتك .

فاعتبر النحاة " أن " المصدرية المحذوفة مع الفعل المضارع بمثابة الاسم فدخلت عليه " كي " باعتبارها حرفا من حروف الجر ، لأنه من المتعارف عليه نحويا أن حروف الجر لا تختص بالدخول إلا على الأسماء .

وفي رأيي أن ذلك التخيل لأن المحذوفة وتكوينها مع الفعل اسما ، أمر مجهد للعقل من حيث التصور ، وكان يكتفى بـ " كي " في هذه الحالة أن تكون حرفا ناصبا للفعل  فقط ، لأن الغرض من دراسة النحو الوصفي ، هو الوصول إلى التطبيق على القواعد الحقيقية بيسر وسهولة ، لا تصور ما يمكن أن يكون ، لذلك أرى أن يعمل بكل كلمة في بابها الصحيح ، لأن هناك في الأبواب النحوية الأخرى ما يستعاض بها في هذا المقام دون تصور أو تخيل .

والمقصود من ذلك أن " كي " إذا استعملت في باب النواصب للفعل المضارع ، وكفى خير من توزيعها ، وجعلها مع حروف الجر ، لأنها في باب النواصب تعمل كناصب للفعل بلا قيد أو شرط ، على اعتبار أنها هي الناصبة للفعل ، لا أن المصدرية المضمرة .

ثانيا ـ لقد ذكر ابن هشام في أوضح المسالك على شرح الألفية ، بأن هناك بعض حروف الجر ما يشترك لفظها بين الحرفية والاسمية : أي أنها تجيء في مقام حرفا ، كما بينا في أحرف الجر ، وتجيء اسما ، كما سنوضح ذلك الآن بما ذكره النحاة المتقدمون من أمثلة بهذا الخصوص .

والحروف المشتركة في لفظها بين الحرفية والاسمية هي : الكاف ، عن ، على ، مذ ، منذ . وهذه أمثلة كما وردت في كتب النحو كشاهد على مجيئها أسماء .

1 ـ الكاف : نحو : محمد كالأسد .

ومنه قول الشاعر :

         " ويضحكن عن كالبرد المنهمِّ "

فقد جعل  بعض النحاة المتقدمين " الكاف " اسما بمعنى " مثل " ففي المثال الأول  قالوا : محمد مثل الأسد . وأعربوا " الكاف " خبرا للمبتدأ محمد ، والأسد مضاف إليه .

واستدلوا على اسميتها بدخول حرف الجر " عن " عليها كما في المثال الثاني :

" يضحكن عن كالبرد " . لأنه من المتعارف عليه أن حروف الجر لا تدخل على بعضها البعض ، وإنما يكون اختصاص دخولها بالأسماء . فالكاف اسم بمعنى مثل ، لذلك دخل عليها حرف الجر عن ، والتقدير يضحكن عن مثل البرد . وأربوا " مثل " في هذه الحالة اسما مجرورا بدخول " عن "عليها ، وهي مضاف ، والبرد مجرور بالإضافة .

     ويمكننا القول أن ما ذكر لا يكون إلا من باب التخيل والتصور ، فهو بعيد عن الواقع العملي الملموس الذي وضع النحو من أجله  ، ولكن قبل أن نحلل ما ذكره النحاة في هذا الموضوع ، لا بد أن نذكر اختلاف النحاة أنفسهم قديما حول هذه  المسألة .

     فقد ذكر ابن هشام في شرح الألفية أن ورود " الكاف " اسما يختص بالشعر فقط ، وخص ذلك القول بسيبويه ، وغيره من المحققين ، وإن كان الكلام لسيبويه أو غيره فيكفي أن نقول : إن اختصاص اسمية الكاف بالشعر فقط دليل على عدم الجزم بأنها اسم ، لأنه لو كان الأمر كذلك لورد ذكر بعض الآيات القرآنية التي تشتمل على وجود الكاف كاسم لا حرف ، والقرآن شمل كل ما يتعلق باللغة من شواهد ما عدا " مذ ومنذ " لم يرد ذكرهما فيه لا كحرفين ولا اسمين .

     أما ما ذكره الزمخشري حول الآية القرآنية التي تقول :

70 ـ قال الله تعالى : { إني خالق من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه }

فقل ابن هشام والقول للزمخشري : إن دخول حرف الجر " في " على الضمير في قوله " فيه " من الآية السابقة دليل على أن " الكاف " اسم بمعنى " مثل " بدليل عودة الضمير " ها " الغيبة على الكاف في كلمة " كهيئة " .

     وقد رد ابن هشام نفسه على الزمخشري بقوله : لو كانت الكاف اسما لكان من الحقائق أن نسمع ، أو سمع قولهم " مررت بكالأسد " ، بدخول حرف الجر الباء على الكاف باعتبارها اسما ، ولكن هذا غير وارد في لغة العرب ، ولم يرد له نظير في القرآن الكريم .

     وخلاصة القول : إذا ما طبقنا قواعد اللغة العربية تطبيقا عمليا ، من خلال التراكيب اللغوية السليمة ، مستدلين بما ورد في القرآن الكريم من آيات ، تطبق التطبيق الصحيح ، وبلا تكلف على تلك القواعد ، فإن هذه القواعد النحوية سوف لا يدخلها التأويل ، وكثرة الوجوه الإعرابية التي نحن في غنى عنها ما دام الغرض من دراسة النحو تقويم اللسان وحفظه من اللحن .

       وبما أن كلام العربية لا يخرج عن كونه اسما ، أو فعلا ، أو حرفا ، فلماذا يكون الاسم تارة اسما ، وتارة حرفا وذلك حسبما نريد ؟ ولماذا يكون الحرف تارة حرفا ، ويكون تارة أخرى اسما متى تطلب الأمر ذلك ؟

     فالكاف وما جعله بعض النحاة معها من بقية الحروف كـ " عن ، وعلى ، ومذ ومنذ " هي في حقيقة الأمر أحرف جر ليس غير ، ولا داعي لأن تكون أسماء ما دام في اللغة من الأسماء ما يفي حاجة المتكلمين .

ومن الأمثلة التي أوردها النحاة على اعتبار : عن ، وعلى ، ومذ ومنذ أسماء الآتي :

8 ـ مثال " عن " قول الشاعر :

       " من عن يميني مرة وأمامي "

9 ـ ومثال " على " قول الآخر :

      " غدت من عليه بعد تم ضمؤها "

ومثال " مذ ومنذ " قولهم : ما رأيته مذ يومان ، أو منذ يوم الجمعة .

على اعتبار أن مذ ومنذ مبتدآن ، وما بعدهما خبر . أو على اعتبار أنهما ظرفان وما بعدهما فاعل لكان التامة . والتقدير : مذ كان يومان ، أو منذ كان يوم الجمعة .

ومثال اعتبار مذ ومنذ ظرفين دخولهما على الجملة الفعلية .

كقول الشاعر :

      " ما زال مذ عقد ت يداه إزاره "

أو دخولها على الجملة الاسمية وهو قليل ،

11 ـ قول الشاعر :

      " وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع "

ويلاحظ مما سبق :

1 ـ أن الأمثلة الواردة في هذا المقام اختصت بالشعر فقط ، لأنه لم يكن هناك ما يستدل به من القرآن الكريم الذي يعتبر الدليل القاطع على صحة الشيء ، ولا سيما تلك القواعد التي يفصل لها النحاة الشواهد الشعرية على قلتها إما لضرورات شعرية ، أو لحذلقة شعرية ، أو ليطبق بها على تلك القواعد دون النظر إلى العقل والمنطق .

2 ـ كما أن مجيء حرف الجر " عن " اسما أوله النحاة بمعنى " جانب " ، وكذلك مجيء حرف الجر " على " اسما فقد أوله النحاة بمعنى " فوق " ، أو " عند " ، وذلك كما يشاء لهم ، وحسب ما تقتضيه القاعدة التي جلبوا لها ذلك الشاهد ، وما عليك أخي القارئ إلا أن تتصور ، وتتأمل ما أراده بعض النحاة .

      والواقع نقول : إن ما تصنعه النحاة المتقدمون ، وأجهدوا فيه العقل يعتبر عملا يحمدون عليه لما بذلوا فيه من الجهد الذي يستفيد منه من أراد دراسة النحو والتقعر فيه . ولكن من حيث التطبيق لم ينصفوا تلك القواعد ، بل حاولوا جاهدين أن يجعلوا لها شواهد ولو من غير المألوف ، أو ما لا يستوعبه العقل ، ويتقبله المنطق السليم ، لأنه بعيد عن الواقع العملي الملموس .

ثالثا ـ وما ذكرناه عن عرفي الجر " عن " ، و " على " يقال في " مذ ومنذ " .

      فقد لاحظنا أن " مذ ومنذ " هما في الأصل حرفان من أحرف الجر ، ولا جدال في ذلك ، لأن العقل يقره ، والمنطق يؤيده . فعندما نقول : ما رأيته مذ يوم الجمعة ، أو منذ يومين . فذلك أقرب إلى الفهم والصواب . فيوم اسم مجرور بـ " مذ " باعتبارها حرف جر ، وهذا هو الصحيح . أما إذا قلنا كما تصور النحاة المتقدمون ، أو بعضهم أن مذ إذا جاء بعدها مرفوع فهي اسم سواء أكان المرفوع خبرا ، أو مبتدأ ، أو فاعلا لكان التامة المحذوفة باعتبار مذ ظرفا .

      ولماذا كل هذا التخيل ؟ ولماذا كل هذا البعد عن المحسوس ؟ ولماذا نحن الذين نعين فيما إذا كان الاسم الواقع بعد مذ  مرفوعا ، أو مجرورا حتى نضع مسمى

 " مذ " ، هل هي حرف أو اسم ؟ فإذا قلت إن الاسم الواقع بعد " مذ " ، أو " منذ " مرفوعا كانت مذ اسما ، وأعربت خبرا لكان ، أو سما لها ، أو فاعلا ، وذلك حسب ما أحدده أنا ، إذن لم يكن هناك قاعدة متفق عليها ليجري عليها التطبيق العملي ، ولكن أنا الذي أحدد ، وغيري كذلك يحدد حسب ما يتبادر إلى ذهنه ، أو تصوره .        

      ولو كانت قواعد اللغة تصورات واحتمالات لأصبح لكل نحوي نحو مستقل ، أو كان لكل متكلم بالعربية قواعد توافق ذوقه يضعها متى يشاء ، وحسب مقتضى الكلام الذي يتكلمه ، ويملى عليه حسب إدراكه وتصوره الخاص ، وبهذا يكون النحو لا قواعد موضوعة تبنى عليها التطبيقات ، ولكنه شواهد تنحت لها القواعد كلما اقتضى المقام ذلك .

رابعا ـ وأخيرا يمكننا الاستدلال على حرفية كل من : " عن " ، و " على " ، و " الكاف " ، و " مذ ومنذ " كغيرها من حروف الجر ، بأن تلك الأحرف وإن قبلت ـ في الشواهد المذكورة أنفا والمخصصة لها ـ دخول بعض أحرف الجر عليها إلا أنها لم تقبل علامات الاسم : كالتنوين ، والتعريف بأل ، والإضافة ، وهذا خير دليل على حرفيتها . كما أنها لا تقبل علامات الإعراب : كالرفع والنصب والجر .

     فإن قالوا إن هذه الأسماء لا تأتي إلا مجرورة لقبولها أحرف الجر ، فهذا لا يكفي للدلالة على اسميتها ، لأن عدم قبولها كثيرا من علامات الاسم أولى بإخراجها من باب الأسماء بدلا من قبولها حالة واحدة من حالات الاسم وهو دخول حرف الجر عليها .

كما أن دخول حرف الجر عليها مثلما بين لنا النحاة في الأمثلة السابقة كان بتأويل تلك الأحرف بمعاني أخرى لتدخل دائرة الأسماء ، كتأويلهم " الكاف " بمعنى " مثل " ، و  " عن " بمعنى " جانب " ، و " على " بمعنى " فوق " أو عند .

     والذي هو أبعد عن الصواب أنهم لم يجعلوا لمذ أو منذ تعليلا لإدخالها في باب الأسماء ، سوى أنهم جعلوا التعليل مبنيا على التصور العقلي للقارئ أو السامع عندما يقرأ قولهم علة سبيل المثال : ما رأيتك مذ يومان ، أو ما رأيته منذ يوم   الجمعة . فإذا تصور القارئ أن كلمة " يومان " ، أو " يوم " في المثالين السابقين مرفوعة ، كانت " مذ " أو " منذ " اسما ، فلماذا لا نتصور ، أو نقرأ كلمة " يومان " ، أو " يوم " على حقيقتها الصحيحة بالجر ، وتكون مذ ومنذ حرفين ، وهذا أقرب إلى الصواب ، والمنطق الصحيح ، إذا كانت العملية عملية تذوق ومنطق . أما إذا كان الأمر هو بناء قواعد من غير الذي يألفه الذوق السليم لتوضع لها تلك الشواهد ، فهذا أمر لا مجال لبحثنا فيه .

للاستزادة من المجرورات انقر هنا