الترخم والاستغاثة والندبة
أولا ـ الترخُّم :
تعريفه : وهو حذف حرف أو أكثر من آخر الاسم المبني تخفيفا على وجه
الاعتباط واختص بالنداء : إما لأنه لما كثر استعماله احتيج إلى التخفيف ، أو لأنه
لما كان مشاهدا مخاطبا جاز حذف شيء من حروفه لدلالة الحال عليه . ولك في ذلك خياران
من الإعراب :
أ ـ ترك الحرف الخير من الكلمة بعد الحذف على ما هو عليه من الضبط .
نحو : يا فاطمَةُ . بعد الحذف تقول : يا فاطمَ . باعتبار أن الحرف
الأخير كان مفتوحا في الأصل . وإعرابه : فاطمَ منادى مبنى على الضم على التاء
المحذوفة للترخيم في محل نصب .
ومثله : يا صاحِ ، وأصلها يا صاحِبُ ، بكسر الحاء في الأصل فبعد
حذف الحرف الأخير بقي ما قبله على حالته .
56 ـ ومنه قول الشاعر :
أفاطمَ قبل بينك متعيني
وحسبك إن منعتك أن تبيني
الشاهد : فاطم ، وأصلها فاطمة فحذف تاء التأنيث ، وضم أخر الكلمة
باعتبارها منادى علم مبني على الضم ، ويجوز فتحها اتابعا للحركة الموجودة على الميم
اصلا قبل الحذف .
ب ـ مراعاة موقعه من الإعراب باعتباره منادى ، ويكون ذلك ببنائه على
الضم . وهو رأي المبرد .
نحو : يا عائشُ . وأصلها يا عائشَةُ .
وإعرابه : عائش منادى مبنى على الضم في محل نصب .
ولا يرخم إلا المنادى المبني على الضم عند أغلب الجمهور سواء كان علما
مفردا ، أو نكرة مقصودة ، إلا سيبويه فأجازه في كل اسم يجوز للشاعر ترخيمه في غير
النداء للضرورة . كقول الراجز :
" وقد وسطت مالكا وحنظلا "
الشاهد قوله : وحنظلا ، حيث رخمه ضرورة في غير النداء ، وحذف من أخره
التاء ، وأصله " حنظلة " .
57 ـ ومنه قول أبن أحمر :
أبو حنش يؤرقنا وطلقٌ
وعمار وآونة أثالا
الشاهد قوله : " أثالا " حيث رخمه في غير النداء للضرورة فحذف من آخره
التاء ،
وأصله أثالة . (1)
وللاسم المرخم في النداء إذا لم تتصل به تاء التأنيث عند البصريين شروط
هي :
1 ـ أن يكون علما لأن الأعلام منقولة في الأكثر عن وضعها اللغوي إلى وضع
ثان والنقل تغيير ، وكذلك الترخيم فهو تغيير .
2 ـ أن يكون مفردا ، أي لا يكون جملة في الأصل كبرق نحره لعدم تأثير
النداء فيه ، ولأن الجمل تحكى ولا تغير عن موضعها ، وألا يكون مضافا ولا شبيها
بالمضاف لكونهما معربين ، ولأن المضاف والمضاف إليه جريا مجرى الكلمة الواحدة من
وجه ، ومجرى الكلمتين من وجه آخر. فلو رخم المضاف لرخم ما ليس بآخر الكلمة على
الوجه الأول ، ولو رخم المضاف إليه لرخم ما ليس بمنادى على الوجه الآخر ، وكذلك حكم
الشبيه بالمضاف ، غير أن الكوفيين أجازوا ترخيم المضاف إليه قياسا على المركب
58 ـ ومنه قول الشاعر :
أبا عروَ لا تبعد فكل ابن حرة
سيدعوه داعي ميِتة فيجيب
الشاهد قوله : أبا عرو ، حيث حذف عجر ما أضيف إليه المنادى للترخيم ،
وهو حذف جائز عند الكوفيين ، وأصله " يا أبا عروة " .
ـــــــــــ
1 ـ انظر الكتاب لسيبويه ج 1 ص 342
ثالثا ـ أن يكون المنادى زائدا عن ثلاثة أحرف ، لن الثلاثي أقل الأصول
في المتمكن وأخفها ، فلو رخم للتخفيف لكان إجحافا وتحصيلا للحاصل .
وأجاز الفراء ترخيم الثلاثي إذا كان متحرك الوسط نحو : سقر ، وعمر فتقول
: يا عم (1) .
رابعا ـ ألا يكون مستغاثا لأنه معرب في النداء ، والترخيم لا يكون إلا
فيما يؤثر النداء فيه البناء .
خامسا ـ ألا يكون مندوبا ، لأن المراد من الندبة مد الصوت ، وفي الترخيم
حذفه .
أما إذا كان الاسم المرخم مختوما بتاء التأنيث فلا يشترط فيه العلمية
ولا الزيادة على ثلاثة أحرف . وكل ما أنّث بالهاء حذفت منه الهاء عند الترخيم ، ولا
فرق بين المعرفة أو النكرة في ذلك فمتال المعرفة : يا طلحة ، عند الترخيم تقول : يا
طلح ،
بحذف التاء وفيه أربعة أوجه : يا طلحَ بالفتح ، ويا طلحُ بالضم ، وهذان
الوجهان هما لغتا الترخيم كما مر معنا ، والوجه الثالث تقول : ياطلحةَ بالحاق التاء
مفتوحة
59 ـ ومنه قول النابغة الذبياني :
كليني لهم يا أميمةَ
ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب
الشاهد قوله : يا أميمةَ بفتح التاء ، وقيل أن هذه التاء هي في الأصل
هاء السكت زادها الشاعر وحركها بالفتح تبعا لحركة ما قبلها ، قيل هي لغة بعض العرب
ممن يبني المنادى المفرد على الفتح .
والوجه الرابع أن تقول : يا طلحةُ ، بإلحاق التاء المضمومة على تقدير
زيادتها .
فإذا كان المندى المرخم منتهيا بألف التأنيث الممدودة سمراء ، وحمراء
فعند الترخيم نقول : يا سمرَ ، ويا حمرَ .
60 ـ ومنه قول الشاعر :
يا أسمَ صبرا على ما ناب من
حدث إن الحوادث ملقِيّ ومنتظَر
ـــــــــــــ
1 ـ شرح المفصل ج2 ص 220 .
الشاهد قوله : يا أسمَ حيث أن أصلها يا أسماء ورخمها بحذف الألف والهمزة
، وهذا رأي
سيبوبهِ (1) .
وإن كان المرخم منتهيا بألف التأنيث المقصورة نحو : ليلى ، وسلمى تقول :
يا ليلَ ويا سلمَ بحذف الألف وفتح آخر الكلمة .
والمنادى العلم المرخم إما أن يكون مفردا ، أو
مركبا ن فإن كان مفردا فمنه ما يحذف منه حرف واحد وهو نوعان : أصل وزائد .
أما الأصل فنحو : حارث ، ومالك ، وعامر ، وعند الترخيم تقول : يا حارِ ،
ويا مالِ ، ويا عامِ بحذف الحرف الأخير من الكلمة وبناء آخر الكلمة بعد الحذف على
الكسر . والزائد إما أن يكون للتأنيث نحو : طلحة ، فتقول يا طلحَ .
وإما أن يكون للإلحاق كما في معزى وهو علم تقول : يا معزَ .
أو للتكثير كما في بعثرى وهو علم أيضا تقول : يا بعترَ .
وقد يحذف من المنادى المرخم حرفان زائدان وهما الألف والنون مثل : عمران
، ومروان ، وعثمان وسلمان ، فنقول : عمر ، ومرو ، وعثم ، وسلم .
61 ـ ومنه قول الفرزدق :
يا مروَ إن مطيتي محبوسة
ترجو الحِباء وربها لم ييأس
الشاهد : قوله : يا مروَ ، حيث حذف الألف والنون للترخيم ، وفتح أخر
الكلمة بناء على الحركة الموجودة على حرف الواو قبل الترخيم .
وإن كان العلم مركبا نحو : بعلبك ، حذف منه الجزء الثاني فتقول : يا
بعلَ .
ــــــــــــ
1 ـ انظر الكتاب ليسيبويه طبعة بولاق ج1 ص 337 .
نماذج من الإعراب
56 ـ ومنه قول الشاعر :
أ فاطمَ قبل بينك متعيني
وحسبك إن منعتك أن تبيني
57 ـ ومنه قول أبن أحمر :
أبو حنش يؤرقنا وطلقٌ
وعمار وآونة أثالا
58 ـ ومنه قول الشاعر :
أبا عروَ لا تبعد فكل ابن حرة
سيدعوه داعي ميِتة فيجيب
59 ـ ومنه قول النابغة الذبياني :
كليني لهم يا أميمةَ
ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب
60 ـ ومنه قول الشاعر :
يا أسمَ صبرا على ما ناب من
حدث إن الحوادث ملقِيّ ومنتظَر
61 ـ ومنه قول الفرزدق :
يا مروَ إن مطيتي محبوسة
ترجو الحِباء وربها لم ييأس
ثانيا ـ الاستغاثة
تعريفها :
نداء من يُخلِّص من شدة ، أو يعين على دفع مشقة .
نحو : يا لَلمؤمن لِلمظلوم ، يا لَلناس لِلفقير .
أحرف النداء التي تستعمل في الاستغاثة .
لا يستعمل في نداء المستغاث به سوى حرف النداء " يا " ، كما أنه لا يجوز
حذفها من نداء
الاستغاثة .
مكونات جملة الاستغاثة :
تتكون جملة الاستغاثة من ثلاثة أجزاء :
1 ـ حرف النداء " يا " .
2 ـ المستغاث به : وهو من يُستنصَر به لتخليص المستنصِر من الشدة ،
ويكون مجرورا في الأغلب الأعم بلام مفتوحة .
3 ـ المستغاث له : ويكون مجرورا بلام مكسورة
نحو : يا لَلكرام لِلمحتاجين .
يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
للكرام : اسم مجرور باللام المفتوحة في محل نصب ، لأنه منادى ، والجار
والمجرور متعلق بحرف النداء ، لأنه تضمن معنى الفعل المحذوف : أدعو أو
أنادي .
للمحتاجين : اسم مجرور بلام مكسورة ، وعلامة جره الياء ، لأنه جمع مذكر
سالم ، والجار والمجرور متعلق بحرف النداء .
أحوال المستغاث به : للمستغاث ثلاثة أحوال :
1 ـ أن يجر بلام مفتوحة غالبا كما أوضحنا آنفا .
2 ـ جواز حذف اللام ، والتعويض عنها بألف في آخر المستغاث .
نحو : يا قوما للمظلوم . ويارجلا للفقير .
يا قوما : يا حرف نداء ، وقوما منادى مبني على الضم المقدر منع من ظهوره
الفتحة المناسبة للألف ، في محل نصب ، والألف عوض عن لام الجر المحذوفة ، حرف مبني
لا محل له من الإعراب .
للفقير : جار ومجرور متعلقان بحرف النداء " يا " لأنه متضمن معنى الفعل
أنادي .
ـ كما يجوز زيادة هاء السكت عند الوقف .
نحو : يا قوماه للمظلوم . وإعرابه كسابقه ، وهاء السكت حرف مبني على
السكون لا محل له من الإعراب .
3 ـ قد يبقى المستغاث على حاله كالمنادى .
نحو : يا قوم للمظلوم ، ويا مؤمن للفقير .
يا قوم : يا حرف نداء ، وقوم منادى مبني على الضم في محل نصب .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ لقد ذكرنا أن لام الجر التي في أول المستغاث غالبا ما تكون مبنية
على الفتح ، وقلنا غالبا لأنه يجب بناؤها على الكسر في موضعين : ـ
أ ـ إذا كان المستغاث معطوفا ، ولم يتكرر معه حرف النداء .
نحو : يا لَلشباب ولِلشابات للوطن .
62 ـ ومنه قول الشاعر :
يبكيك ناء بعيد الدر مغترب
يا لَلكهول ولِلشباب للعجب
يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
للشباب : اللام حرف جر مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، والشباب
اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان
بحرف النداء " يا " .
وللشابات : الواو حرف عطف مبني على الفتح ، واللام حرف جر مبني على
الكسر ، الشابات اسم مجرور باللام ، وعلامة جره الكسرة ، وهو معطوف في محل نصب .
ب ـ إذا كان المستغاث يا المتكلم وجب كسر لام الجر .
نحو : يا لِي للمظلوم .
يا لي : يا حرف نداء ، لي اللام حرف جر مبني على الكسر ، ويا المتكلم
ضمير متصل مبني على السكون في محل جر ، وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها
علامة البناء الأصلي ، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء
.
2 ـ إذا كان المستغاث مبنيا في الأصل بقي على حالة بنائه ، وقدرت عليه
علامة الإعراب . نحو : يا لهذا للعاجز ، ويا لك للغريق .
يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا اللام حرف جر مبني على الفتح ، وهذا اسم
إشارة مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها علامة البناء الأصلي ، وهو في محل نصب
منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء " يا " .
غير أنه يلاحظ من الإعراب السابق لاسم الإشارة "
هذا " التكلف الواضح ، والتعقيد الذي وقع فيه كثير من النحاة ، ونرى ويرى بعض
المعربين غير ذلك ، وذلك على النحو التالي :
يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا : اللام حرف جر زائد ن وهذا اسم إشارة
منادى مبني على السكون في محل نصب . وبهذا نكون قد أخرجنا الجار والمجرور من التعلق
، لأن اللام زائدة .
ثالثا ـ المستغاث له :
هو من يستغيث من أجل تخليصه من
الشدة ، ودفعها عنه ، ويجر بلام مكسورة .
نحو : يا للناس للفقير ، ويا للشباب للوطن .
فـ " للفقير " هو ما يعرف بالمستغاث له ، ويعرب جارا ومجرورا .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ ذكرنا سابقا أن لام المستغاث له يجب بناؤها على الكسر ، كذلك يجب
بناؤها على الفتح إذا كان المستغاث له ضميرا غير ياء المتكلم .
نحو : يا للمعين لنا .
يا للمعين : يا حرف نداء ، للمعين اللام حرف جر ، ومعين اسم مجرور في
محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بـ " يا " .
لنا : اللام حرف جر مبني على الفتح ، و " النا " ضمير متصل مبني على
السكون في محل جر ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء ، أو الفعل المحذوف .
2 ـ إذا كان الاسم الواقع بعد المستغاث غير مستغاث له ، بل مستغاث عليه
، أي يطلب الانتصار عليه ، وليس له ، حذفنا اللام ، وجررنا بحرف الجر " من " .
نحو : يا لله من الكاذب .
63 ـ ومنه قول الشاعر :
يا للرجال ذوي الألباب من نفر
لا يبرح الشرف الردى لهم دينا
يا لله : يا حرف نداء ، لله اللام حرف جر ، ولفظ الجلالة اسم مجرور ،
وعلامة جره الكسرة ، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف
النداء .
من الكاذب : من حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، الكاذب
اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .
3 ـ لقد مر معنا أن لام المستغاث في الأغلب الأعم واجبة الفتح ، ولام
المستغاث له واجبة الكسر ، والغرض من ذلك هو التفريق بين اللامين ، لأن اللام
الأولى واقعة في غير موضعها ، لأن المنادى لا يحتاج إلى لام للدخول عليه ، ولورود
اللام في غير موضعها كانت أولى بالتغيير ، لهذا فتحت بدلا من الكسر الذي هو أصل
حركتها ، وعلى العكس من ذلك ، فاللام الواقعة في أول المستغاث لام واقع في مكانها ،
وجارية على الأصل في استعمالها فبقيت لها حركتها الأصلية وهي الكسر .
4 ـ يجوز في تابع المستغاث المعرب وجهان :
أ ـ مراعاة المحل ، وبذلك جواز نصب التابع .
نحو : يا لأبطالِ العربِ الشجعانَ للأوطان .
يا لأبطال : يا حرف نداء مبني على السكون ، لأبطال اللام حرف جر مبني
على الفتح ، وأبطال منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة
الكسرة الناتجة عن حرف
الجر ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء ، وأبطال مضاف ، والعرب
مضاف إليه مجرور بالكسرة .
الشجعان : صفة لأبطال منصوب على المحل بالفتحة الظاهرة .
ب ـ مراعاة اللفظ ، وبذلك جواز الجر .
نحو : يا لأبطالَ العربِ الشجعانِ للأوطان .
فـ " الشجعان " صفة لأبطال مجرور على اللفظ ، وعلامة جرها الكسرة
الظاهرة .
5 ـ أما تابع المستغاث المبني في الأصل ، فيعرب تابعا على اللفظ ، أي
يجب فيه الجر . نحو : يا لَهذا المؤمنِ للمظلوم .
يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا اللام حرف جر مبني على الفتح ، وهذا اسم
إشارة مبني على السكون مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بعلامة
البناء الأصلي في محل نصب منادى .
المؤمن : بدل من اسم الإشارة مجرور على اللفظ .
6 ـ إذا كان السم الواقع بعد اللام غير عاقل فلا يصح أن يكون مستغاثا به
، لذلك جاز فتح اللام وكسرها .
نحو : يا لَلعار ، ويا لِلعجب .
فإذا اعتبرنا اللام مفتوحة كما في المثال الأول كان الاسم مستغاثا به ،
أي مجرورا باللام في محل نصب منادى ، والتقدير : يا عار احضر فهذا أوانك .
أما إذا اعتبرنا اللام مكسورة كما في المثال الثاني ، كان الاسم مستغاثا
له ، أي : مجرورا باللام فقط ، ويكون معناه : يا لقومي للعار .
ثانيا ـ الندبة
تعرفها : هي نداء المتفجع عليه ، أو المتوجع من .
مثال المتفجع عليه : وا محمدُ ، وا عليُّ .
ومنه قول الشاعر يرثي عمر بن عبد العزيز :
حملت أمرا عظيما فاصطبرت به
وقمت فيه بأمر الله يا عمرا
وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
محمد : منادى مندوب مبني على الضم في محل نصب .
ومثال المتوجع منه : وا مصيبتاه ، وا حسرتاه .
64 ـ ومنه قول الشاعر :
فوا كبداه من حب من لا يحبني
ومن عبرات ما لهن فناء
65 ـ ومنه قول المتنبي :
وا حر قلباه ممن قلبه شَبِمُ
ومن بسمي وحالي عنده سقم
وا مصيبتاه : وا حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب ,
مصيبتاه : مصيبتا منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع من ظهوره الفتحة
المناسبة الألف في محل نصب ، والهاء هاء السكت حرف مبني على السكون لا محل له من
الإعراب .
حروف النداء المستعملة للندبة :
لا يستعمل من حروف النداء للندبة سوى حرفي النداء " وا " ، و " يا " .
أما الأول فيستعمل بدون شروط .
والثاني يجب ألا يكون هناك لبس عند استعماله ، ومنه بيت جرير السابق
الذي يرثي فيه عمر بن عبد العزيز .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ المندوب حكمه حكم المنادى من حيث الإعراب .
ينصب إذا كان مضافا ، أو شبيها بالمضاف ، أو نكرة غير مقصودة .
ويبنى على الضم إذا كان علما مفردا ، ويبنى على ما يرفع به إذا كان نكرة
مقصودة ، أو علما
مثنى ، أو مجموعا جمع مذكر سالما .
2 ـ الغالب في المندوب زيادة ألف في آخره مفتوح ما قبلها ، كما يزاد
هليها هاء عند الوقف كما مثلنا سابقا ، ومنه : وا سيداه ، وا رأساه ، وا حسرتاه .
كما أن الألف المذكورة قد تزاد على المضاف إلى المندوب .
نحو : وا حر قلباه ، وا عبد المجيداه .
وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .
عبد المجيداه : منادى مندوب منصوب الفتحة ، وهو مضاف ، والمجيد مضاف
إليه مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها حركة المنسبة على الألف ، والألف حرف
زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، والهاء للسكت حرف مبني على السكون لا
محل له من الإعراب .
ومن شروط زيادة ألف المندوب ألاّ
تؤدي إلى لبس ، فإذا أدت إلى إليه لزم الأتيان بحرف مد آخر . نحو : وا أخاكِ .
وهذا تفجع على " أخ " مضاف إلى ضمير المخاطبة ، فإذا زدنا الألف قلنا :
وا أخاكا . فالتبس الأمر بـ " أخ " المضاف إلى ضمير المخاطب ، لذلك وجب
القول : وا أخاكي .
وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .
أخاكي : منادى مندوب منصوب الألف ، لأنه من الأسماء الستة ، وأخا مضاف ،
والكاف ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ، والياء حرف زائد مبني على
السكون لا محل له من الإعراب .
3 ـ إذا كان المندوب مضافا إلى ياء المتكلم الساكنة ، جاز حذفها ، وجيء
ألف الندبة مفتوحا ما
قبلها .
نحو : وا غلامي . تقول : وا غلاما .
وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .
غلاما : منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها حركة المناسبة للألف
، والألف حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وغلام مضاف ، والياء
المحذوفة في محل جر مضاف إليه .
كما يجوز فتح " ياء " المتكلم ، وزيادة
ألف الندبة بعدها مع " هاء " السكت ، أو بدونها .
نحو : واغلامياه ، أو وا غلاميا .
ويجوز إبقاء " الياء " دون حذف ، أو تغيير .
نحو : وا غلامي ، وا حسرتي .
4 ـ أما إذا كان المندوب المضاف إلى ياء المتكلم منتهيا بألف مثل : موسى
، ومصطفي ، وليلى وجب إبقاء الياء مع بنائها على الفتح .
نحو : وا موسايَ ، وا مصطفايَ ، وا ليلايَ .
كما يجوز إلحاق ألف الندبة ، وها السكت
.
نحو : وا موساياه ، وامصطفاياه ، وا ليلاياه .
5 ـ فإذا كان المندوب المنتهي بألف غير مضاف إلى ياء المتكلم ، وأريد
زيادة ألف الندبة وجب حذف ألفه الأصلية .
نحو : وا موساه ، وا مصطفاه ، وا ليلاه .
وا موساه : وا حرف نداء وندبة ، موسى منادى مندوب مبني على الضم المقدر
منع من ظهوره التعذر على الألف المحذوفة ، والألف الموجودة حرف زائد مبني على
السكون لا محل له من الإعراب ، والهاء للسكت حرف مبني على السكون .
نحو : وا غلاميا
نماذج من الإعراب
62 ـ ومنه قول الشاعر :
يبكيك ناء بعيد الدر مغترب
يا لَلكهول ولِلشباب للعجب
63 ـ ومنه قول الشاعر :
يا للرجال ذوي الألباب من نفر
لا يبرح الشرف الردى لهم دينا
64 ـ ومنه قول الشاعر :
فوا كبداه من حب من لا يحبني
ومن عبرات ما لهن فناء
65 ـ ومنه قول المتنبي :
وا حر قلباه ممن قلبه شَبِمُ
ومن بجسمي وحالي عنده سقم
|