اللغة العربية  :: لغة القرآن الكريم

موقع الدكتور / مسعد محمد زياد        رحمة الله
اتصل بنا الكتب السيرة الذاتية الرئيسية

الترخم والاستغاثة والندبة

 

 

أولا ـ الترخُّم :

      تعريفه : وهو حذف حرف أو أكثر من آخر الاسم المبني تخفيفا على وجه الاعتباط واختص بالنداء : إما لأنه لما كثر استعماله احتيج إلى التخفيف ، أو لأنه لما كان مشاهدا مخاطبا جاز حذف شيء من حروفه لدلالة الحال عليه . ولك في ذلك خياران من الإعراب :

أ ـ ترك الحرف الخير من الكلمة بعد الحذف على ما هو عليه من الضبط .

نحو : يا فاطمَةُ . بعد الحذف تقول : يا فاطمَ . باعتبار أن الحرف الأخير كان مفتوحا في الأصل . وإعرابه : فاطمَ منادى مبنى على الضم على التاء المحذوفة للترخيم في محل نصب . 

ومثله : يا صاحِ ، وأصلها يا صاحِبُ ، بكسر الحاء في الأصل  فبعد حذف الحرف الأخير بقي ما قبله على حالته .

56 ـ ومنه قول الشاعر :

    أفاطمَ قبل بينك متعيني       وحسبك إن منعتك أن تبيني

الشاهد : فاطم ، وأصلها فاطمة فحذف تاء التأنيث ، وضم أخر الكلمة باعتبارها منادى علم مبني على الضم ، ويجوز فتحها اتابعا للحركة الموجودة على الميم اصلا قبل الحذف .

ب ـ مراعاة موقعه من الإعراب باعتباره منادى ، ويكون ذلك ببنائه على الضم . وهو رأي المبرد .

نحو : يا عائشُ . وأصلها يا عائشَةُ .

وإعرابه : عائش منادى مبنى على الضم في محل نصب .

ولا يرخم إلا المنادى المبني على الضم عند أغلب الجمهور سواء كان علما مفردا ، أو نكرة مقصودة ، إلا سيبويه فأجازه في كل اسم يجوز للشاعر ترخيمه في غير النداء للضرورة . كقول الراجز :

     " وقد وسطت مالكا وحنظلا "

الشاهد قوله : وحنظلا ، حيث رخمه ضرورة في غير النداء ، وحذف من أخره التاء ، وأصله " حنظلة " .

57 ـ ومنه قول أبن أحمر :

     أبو حنش يؤرقنا وطلقٌ       وعمار وآونة أثالا

الشاهد قوله : " أثالا " حيث رخمه في غير النداء للضرورة فحذف من آخره التاء ،

وأصله أثالة . (1)

وللاسم المرخم في النداء إذا لم تتصل به تاء التأنيث عند البصريين شروط هي :

1 ـ أن يكون علما لأن الأعلام منقولة في الأكثر عن وضعها اللغوي إلى وضع ثان والنقل تغيير ، وكذلك الترخيم فهو تغيير .

2 ـ أن يكون مفردا ، أي لا يكون جملة في الأصل كبرق نحره لعدم تأثير النداء فيه ، ولأن الجمل تحكى ولا تغير عن موضعها ، وألا يكون مضافا ولا شبيها بالمضاف لكونهما معربين ، ولأن المضاف والمضاف إليه جريا مجرى الكلمة الواحدة من وجه ، ومجرى الكلمتين من وجه آخر. فلو رخم المضاف لرخم ما ليس بآخر الكلمة على الوجه الأول ، ولو رخم المضاف إليه لرخم ما ليس بمنادى على الوجه الآخر ، وكذلك حكم الشبيه بالمضاف ، غير أن الكوفيين أجازوا ترخيم المضاف إليه قياسا على المركب

58 ـ ومنه قول الشاعر :

       أبا عروَ لا تبعد فكل ابن حرة       سيدعوه داعي ميِتة فيجيب

الشاهد قوله : أبا عرو ، حيث حذف عجر ما أضيف إليه المنادى للترخيم ، وهو حذف جائز عند الكوفيين ، وأصله " يا أبا عروة " .

ـــــــــــ

1 ـ انظر الكتاب لسيبويه ج 1 ص 342

 

ثالثا ـ أن يكون المنادى زائدا عن ثلاثة أحرف ، لن الثلاثي أقل الأصول في المتمكن وأخفها ، فلو رخم للتخفيف لكان إجحافا وتحصيلا للحاصل .

وأجاز الفراء ترخيم الثلاثي إذا كان متحرك الوسط نحو : سقر ، وعمر فتقول : يا عم (1) .

رابعا ـ ألا يكون مستغاثا لأنه معرب في النداء ، والترخيم لا يكون إلا فيما يؤثر النداء فيه البناء .

خامسا ـ ألا يكون مندوبا ، لأن المراد من الندبة مد الصوت ، وفي الترخيم حذفه .

أما إذا كان الاسم المرخم مختوما بتاء التأنيث فلا يشترط فيه العلمية ولا الزيادة على ثلاثة أحرف . وكل ما أنّث بالهاء حذفت منه الهاء عند الترخيم ، ولا فرق بين المعرفة أو النكرة في ذلك فمتال المعرفة : يا طلحة ، عند الترخيم تقول : يا طلح ،

بحذف التاء وفيه أربعة أوجه : يا طلحَ بالفتح ، ويا طلحُ بالضم ، وهذان الوجهان هما لغتا الترخيم كما مر معنا ، والوجه الثالث تقول : ياطلحةَ بالحاق التاء مفتوحة

59 ـ ومنه قول النابغة الذبياني :

         كليني لهم يا أميمةَ ناصب       وليل أقاسيه بطيء الكواكب

الشاهد قوله : يا أميمةَ بفتح التاء ، وقيل أن هذه التاء هي في الأصل هاء السكت زادها الشاعر وحركها بالفتح تبعا لحركة ما قبلها ، قيل هي لغة بعض العرب ممن يبني المنادى المفرد على الفتح .

والوجه الرابع أن تقول : يا طلحةُ ، بإلحاق التاء المضمومة على تقدير زيادتها .

فإذا كان المندى المرخم منتهيا بألف التأنيث الممدودة سمراء ، وحمراء فعند الترخيم نقول : يا سمرَ ، ويا حمرَ .

60 ـ ومنه قول الشاعر :

        يا أسمَ صبرا على ما ناب من حدث      إن الحوادث ملقِيّ ومنتظَر

ـــــــــــــ

 1 ـ شرح المفصل ج2 ص 220 .

 

الشاهد قوله : يا أسمَ حيث أن أصلها يا أسماء ورخمها بحذف الألف والهمزة ، وهذا رأي

سيبوبهِ (1) .

وإن كان المرخم منتهيا بألف التأنيث المقصورة نحو : ليلى ، وسلمى تقول : يا ليلَ ويا سلمَ بحذف الألف وفتح آخر الكلمة .

     والمنادى العلم المرخم إما أن يكون مفردا ، أو مركبا ن فإن كان مفردا فمنه ما يحذف منه حرف واحد وهو نوعان : أصل وزائد .

أما الأصل فنحو : حارث ، ومالك ، وعامر ، وعند الترخيم تقول : يا حارِ ، ويا مالِ ، ويا عامِ بحذف الحرف الأخير من الكلمة وبناء آخر الكلمة بعد الحذف على الكسر . والزائد إما أن يكون للتأنيث نحو : طلحة ، فتقول يا طلحَ .

وإما أن يكون للإلحاق كما في معزى وهو علم تقول : يا معزَ .

أو للتكثير كما في بعثرى وهو علم أيضا تقول : يا بعترَ .

وقد يحذف من المنادى المرخم حرفان زائدان وهما الألف والنون مثل : عمران ، ومروان ، وعثمان وسلمان ، فنقول : عمر ، ومرو ، وعثم ، وسلم .

61 ـ ومنه قول الفرزدق :

     يا مروَ إن مطيتي محبوسة        ترجو الحِباء وربها لم ييأس

الشاهد : قوله : يا مروَ ، حيث حذف الألف والنون للترخيم ، وفتح أخر الكلمة بناء على الحركة الموجودة على حرف الواو قبل الترخيم .

وإن كان العلم مركبا نحو : بعلبك ، حذف منه الجزء الثاني فتقول : يا بعلَ .

ــــــــــــ

1 ـ انظر الكتاب ليسيبويه طبعة بولاق ج1 ص 337 .

 

نماذج من الإعراب

 

56 ـ ومنه قول الشاعر :

    أ فاطمَ قبل بينك متعيني       وحسبك إن منعتك أن تبيني

 

57 ـ ومنه قول أبن أحمر :

     أبو حنش يؤرقنا وطلقٌ       وعمار وآونة أثالا

 

58 ـ ومنه قول الشاعر :

       أبا عروَ لا تبعد فكل ابن حرة       سيدعوه داعي ميِتة فيجيب

 

59 ـ ومنه قول النابغة الذبياني :

         كليني لهم يا أميمةَ ناصب       وليل أقاسيه بطيء الكواكب

 

60 ـ ومنه قول الشاعر :

        يا أسمَ صبرا على ما ناب من حدث      إن الحوادث ملقِيّ ومنتظَر

 

61 ـ ومنه قول الفرزدق :

     يا مروَ إن مطيتي محبوسة        ترجو الحِباء وربها لم ييأس

  

ثانيا ـ الاستغاثة

 تعريفها :

نداء من يُخلِّص من شدة ، أو يعين على دفع مشقة .

نحو : يا لَلمؤمن لِلمظلوم ، يا لَلناس لِلفقير .

 

أحرف النداء التي تستعمل في الاستغاثة .

لا يستعمل في نداء المستغاث به سوى حرف النداء " يا " ، كما أنه لا يجوز حذفها من نداء

الاستغاثة .

 

مكونات جملة الاستغاثة :

تتكون جملة الاستغاثة من ثلاثة أجزاء :

1 ـ حرف النداء " يا " .

2 ـ المستغاث به : وهو من يُستنصَر به لتخليص المستنصِر من الشدة ، ويكون مجرورا في الأغلب الأعم بلام مفتوحة .

3 ـ المستغاث له : ويكون مجرورا بلام مكسورة

نحو : يا لَلكرام لِلمحتاجين .   

يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

للكرام : اسم مجرور باللام المفتوحة في محل نصب ، لأنه منادى ، والجار والمجرور متعلق بحرف النداء ، لأنه تضمن معنى الفعل المحذوف : أدعو أو

أنادي .

للمحتاجين : اسم مجرور بلام مكسورة ، وعلامة جره الياء ، لأنه جمع مذكر سالم ، والجار والمجرور متعلق بحرف النداء .

 

أحوال المستغاث به : للمستغاث ثلاثة أحوال :

1 ـ أن يجر بلام مفتوحة غالبا كما أوضحنا آنفا .

2 ـ جواز حذف اللام ، والتعويض عنها بألف في آخر المستغاث .

نحو : يا قوما للمظلوم . ويارجلا للفقير .

يا قوما : يا حرف نداء ، وقوما منادى مبني على الضم المقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة للألف ، في محل نصب ، والألف عوض عن لام الجر المحذوفة ، حرف مبني لا محل له من الإعراب .

للفقير : جار ومجرور متعلقان بحرف النداء " يا " لأنه متضمن معنى الفعل أنادي .

ـ كما يجوز زيادة هاء السكت عند الوقف .

نحو : يا قوماه للمظلوم . وإعرابه كسابقه ، وهاء السكت حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

3 ـ قد يبقى المستغاث على حاله كالمنادى .

نحو : يا قوم للمظلوم ، ويا مؤمن للفقير .

يا قوم : يا حرف نداء ، وقوم منادى مبني على الضم في محل نصب .

 

فوائد وتنبيهات :

1 ـ لقد ذكرنا أن لام الجر التي في أول المستغاث غالبا ما تكون مبنية على الفتح ، وقلنا غالبا لأنه يجب بناؤها على الكسر في موضعين : ـ

أ ـ إذا كان المستغاث معطوفا ، ولم يتكرر معه حرف النداء .

نحو : يا لَلشباب ولِلشابات للوطن .

62 ـ ومنه قول الشاعر :

        يبكيك ناء بعيد الدر مغترب      يا لَلكهول ولِلشباب للعجب

يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

للشباب : اللام حرف جر مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، والشباب اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء " يا " .

وللشابات : الواو حرف عطف مبني على الفتح ، واللام حرف جر مبني على  الكسر ، الشابات اسم مجرور باللام ، وعلامة جره الكسرة ، وهو معطوف في محل نصب .

ب ـ إذا كان المستغاث يا المتكلم وجب كسر لام الجر .

نحو : يا لِي للمظلوم .

يا لي : يا حرف نداء ، لي اللام حرف جر مبني على الكسر ، ويا المتكلم ضمير متصل مبني على السكون في محل جر ، وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها علامة البناء الأصلي ، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .

2 ـ إذا كان المستغاث مبنيا في الأصل بقي على حالة بنائه ، وقدرت عليه علامة الإعراب . نحو : يا لهذا للعاجز ، ويا لك للغريق .

يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا اللام حرف جر مبني على الفتح ، وهذا اسم إشارة مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها علامة البناء الأصلي ، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء " يا " .

     غير أنه يلاحظ من الإعراب السابق لاسم الإشارة " هذا " التكلف الواضح ، والتعقيد الذي وقع فيه كثير من النحاة ، ونرى ويرى بعض المعربين غير ذلك ، وذلك على النحو التالي :

يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا : اللام حرف جر زائد ن وهذا اسم إشارة منادى مبني على السكون في محل نصب . وبهذا نكون قد أخرجنا الجار والمجرور من التعلق ، لأن اللام زائدة .

 

ثالثا ـ المستغاث له :  

       هو من يستغيث من أجل تخليصه من الشدة ، ودفعها عنه ، ويجر بلام مكسورة .

نحو : يا للناس للفقير ، ويا للشباب للوطن .

فـ " للفقير " هو ما يعرف بالمستغاث له ، ويعرب جارا ومجرورا .

 

فوائد وتنبيهات :

1 ـ ذكرنا سابقا أن لام المستغاث له يجب بناؤها على الكسر ، كذلك يجب بناؤها على الفتح إذا كان المستغاث له ضميرا غير ياء المتكلم .

نحو : يا للمعين لنا .

يا للمعين : يا حرف نداء ، للمعين اللام حرف جر ، ومعين اسم مجرور في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بـ " يا " .

لنا : اللام حرف جر مبني على الفتح ، و " النا " ضمير متصل مبني على السكون في محل جر ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء ، أو الفعل المحذوف .

2 ـ إذا كان الاسم الواقع بعد المستغاث غير مستغاث له ، بل مستغاث عليه ، أي يطلب الانتصار عليه ، وليس له ، حذفنا اللام ، وجررنا بحرف الجر " من " .

نحو : يا لله من الكاذب .

63 ـ ومنه قول الشاعر :

       يا للرجال ذوي الألباب من نفر      لا يبرح الشرف الردى لهم دينا

يا لله : يا حرف نداء ، لله اللام حرف جر ، ولفظ الجلالة اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف  النداء .

من الكاذب : من حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، الكاذب اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .

3 ـ لقد مر معنا أن لام المستغاث في الأغلب الأعم واجبة الفتح ، ولام المستغاث له واجبة الكسر ، والغرض من ذلك هو التفريق بين اللامين ، لأن اللام الأولى واقعة في غير موضعها ، لأن المنادى لا يحتاج إلى لام للدخول عليه ، ولورود اللام في غير موضعها كانت أولى بالتغيير ، لهذا فتحت بدلا من الكسر الذي هو أصل حركتها ، وعلى العكس من ذلك ، فاللام الواقعة في أول المستغاث لام واقع في مكانها ، وجارية على الأصل في استعمالها فبقيت لها حركتها الأصلية وهي الكسر .

4 ـ يجوز في تابع المستغاث المعرب وجهان :  

أ ـ مراعاة المحل ، وبذلك جواز نصب التابع .

نحو : يا لأبطالِ العربِ الشجعانَ للأوطان .

يا لأبطال : يا حرف نداء مبني على السكون ، لأبطال اللام حرف جر مبني على الفتح ، وأبطال منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الكسرة الناتجة عن حرف

الجر ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء ، وأبطال مضاف ، والعرب مضاف إليه مجرور بالكسرة .

الشجعان : صفة لأبطال منصوب على المحل بالفتحة الظاهرة .

ب ـ مراعاة اللفظ ، وبذلك جواز الجر .

نحو : يا لأبطالَ العربِ الشجعانِ للأوطان .

فـ " الشجعان " صفة لأبطال مجرور على اللفظ ، وعلامة جرها الكسرة الظاهرة .

5 ـ أما تابع المستغاث المبني في الأصل ، فيعرب تابعا على اللفظ ، أي يجب فيه الجر . نحو : يا لَهذا المؤمنِ للمظلوم .

يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا اللام حرف جر مبني على الفتح ، وهذا اسم إشارة مبني على السكون مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بعلامة البناء الأصلي في محل نصب منادى .

المؤمن : بدل من اسم الإشارة مجرور على اللفظ .

6 ـ إذا كان السم الواقع بعد اللام غير عاقل فلا يصح أن يكون مستغاثا به ، لذلك جاز فتح اللام وكسرها .

نحو : يا لَلعار ، ويا لِلعجب .

فإذا اعتبرنا اللام مفتوحة كما في المثال الأول كان الاسم مستغاثا به ، أي مجرورا باللام في محل نصب منادى ، والتقدير : يا عار احضر فهذا أوانك .

أما إذا اعتبرنا اللام مكسورة كما في المثال الثاني ، كان الاسم مستغاثا له ، أي : مجرورا باللام فقط ، ويكون معناه : يا لقومي للعار .

 

ثانيا ـ الندبة

 

تعرفها : هي نداء المتفجع عليه ، أو المتوجع من .

مثال المتفجع عليه : وا محمدُ ، وا عليُّ .

ومنه قول الشاعر يرثي عمر بن عبد العزيز :

      حملت أمرا عظيما فاصطبرت به    وقمت فيه بأمر الله يا عمرا

وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

محمد : منادى مندوب مبني على الضم في محل نصب .

ومثال المتوجع منه : وا مصيبتاه ، وا حسرتاه .

64 ـ ومنه قول الشاعر :

      فوا كبداه من حب من لا يحبني     ومن عبرات ما لهن فناء

65 ـ ومنه قول المتنبي :

      وا حر قلباه ممن قلبه شَبِمُ     ومن بسمي وحالي عنده سقم

وا مصيبتاه : وا حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب ,

مصيبتاه : مصيبتا منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة الألف في محل نصب ، والهاء هاء السكت حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

 

حروف النداء المستعملة للندبة :

لا يستعمل من حروف النداء للندبة سوى حرفي النداء " وا " ، و " يا " .

أما الأول فيستعمل بدون شروط .

والثاني يجب ألا يكون هناك لبس عند استعماله ، ومنه بيت جرير السابق الذي يرثي فيه عمر بن عبد العزيز .

 

فوائد وتنبيهات :

1 ـ المندوب حكمه حكم المنادى من حيث الإعراب .

ينصب إذا كان مضافا ، أو شبيها بالمضاف ، أو نكرة غير مقصودة .

ويبنى على الضم إذا كان علما مفردا ، ويبنى على ما يرفع به إذا كان نكرة  مقصودة ، أو علما

مثنى ، أو مجموعا جمع مذكر سالما .

2 ـ الغالب في المندوب زيادة ألف في آخره مفتوح ما قبلها ، كما يزاد هليها هاء عند الوقف كما مثلنا سابقا ، ومنه : وا سيداه ، وا رأساه ، وا حسرتاه .

كما أن الألف المذكورة قد تزاد على المضاف إلى المندوب .

نحو : وا حر قلباه ، وا عبد المجيداه .

وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .

عبد المجيداه : منادى مندوب منصوب الفتحة ، وهو مضاف ، والمجيد مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها حركة المنسبة على الألف ، والألف حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، والهاء للسكت حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

        ومن شروط زيادة ألف المندوب ألاّ تؤدي إلى لبس ، فإذا أدت إلى إليه لزم الأتيان بحرف مد آخر . نحو : وا أخاكِ .

وهذا تفجع على " أخ " مضاف إلى ضمير المخاطبة ، فإذا زدنا الألف قلنا :

وا أخاكا . فالتبس الأمر بـ " أخ " المضاف إلى ضمير المخاطب ، لذلك وجب  القول : وا أخاكي .

وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .

أخاكي : منادى مندوب منصوب الألف ، لأنه من الأسماء الستة ، وأخا مضاف ، والكاف ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ، والياء حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

3 ـ إذا كان المندوب مضافا إلى ياء المتكلم الساكنة ، جاز حذفها ، وجيء ألف الندبة مفتوحا ما

قبلها .

نحو : وا غلامي . تقول : وا غلاما .

وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .

غلاما : منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها حركة المناسبة للألف ، والألف حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وغلام مضاف ، والياء المحذوفة في محل جر مضاف إليه .

      كما يجوز فتح " ياء " المتكلم ، وزيادة ألف الندبة بعدها مع " هاء " السكت ، أو بدونها .

نحو : واغلامياه ، أو وا غلاميا .

ويجوز إبقاء " الياء " دون حذف ، أو تغيير .

نحو : وا غلامي ، وا حسرتي .

4 ـ أما إذا كان المندوب المضاف إلى ياء المتكلم منتهيا بألف مثل : موسى ، ومصطفي ، وليلى وجب إبقاء الياء مع بنائها على الفتح .

نحو : وا موسايَ ، وا مصطفايَ ، وا ليلايَ .

       كما يجوز إلحاق ألف الندبة ، وها السكت .

نحو : وا موساياه ، وامصطفاياه ، وا ليلاياه .

5 ـ فإذا كان المندوب المنتهي بألف غير مضاف إلى ياء المتكلم ، وأريد زيادة ألف الندبة وجب حذف ألفه الأصلية .

نحو : وا موساه ، وا مصطفاه ، وا ليلاه .

وا موساه : وا حرف نداء وندبة ، موسى منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع من ظهوره التعذر على الألف المحذوفة ، والألف الموجودة حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، والهاء للسكت حرف مبني على السكون .

نحو : وا غلاميا

 

نماذج من الإعراب

 

62 ـ ومنه قول الشاعر :

        يبكيك ناء بعيد الدر مغترب      يا لَلكهول ولِلشباب للعجب

 

63 ـ ومنه قول الشاعر :

       يا للرجال ذوي الألباب من نفر      لا يبرح الشرف الردى لهم دينا

 

64 ـ ومنه قول الشاعر :

        فوا كبداه من حب من لا يحبني     ومن عبرات ما لهن فناء

   

65 ـ ومنه قول المتنبي :

        وا حر قلباه ممن قلبه شَبِمُ     ومن بجسمي وحالي عنده سقم